فساد التصّوّر .. مقدّمة
ـ[العزيز بالله]ــــــــ[06 - 08 - 02, 08:09 م]ـ
بسم الله الرحمن الرّحيم
الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن استنّ بسنّته واهتدى بهداه أمّا بعد:
فمن المعلوم لدى الباحثين في مجال دراسة الفرق وبدع أصحابها والأمور المحدثة في جانب العلم بالله وبأسمائه وصفاته وغير ذلك من الأمور العلميّة: أقول من المعلوم أنّ كثيراً من تلك البدع قائم على أمور خفيّة ربّما لا يتنبّه لها الباحث إلاّ بعد تأمّل ونظر.
هذه الأمور ربّما تكون في نظر الباحث السّلفي تافهة بيّنة الفساد والبطلان، لكنّها عند المبتدعة وأساطين الفرق الهالكة معدودة في المسلّمات اليقينيّة، والضّرورات العقليّة، الّتي يُعد البحث فيها أو مراجعتها ردّة فكريّة ونكوص عن العلم والمنطق الصّحيح.
ولذلك لا يعجب من عرف ذلك من طول نفس شيخ الإسلام في مناقشة قضايا أجزم أنا أنّها لو عرضت على أطفال أهل السّنّة لما تردّدوا في الحكم ببطلانها، ذلك أنّ شيخ الإسلام ـ وهو الشّيخ حقاً ـ عرف ما تمثّله هذه المقدّمات لدى أصحابها، وعرف أنّ أيّ استدلال بالنّصوص أو الآثار عن السّلف لن يحلّ من هؤلاء المنحرفين محلّه إلاّ بإزالة هذه الأصنام الفكريّة الّتي ترسّخت بمرور الزّمن في أذهان المبتدعة، كما ترسّخت الأصنام الحسيّة في نفوس المشركين، فلم تنقلع إلاّ بالجهاد المادّي، فكذلك أصنام الفكر والمنطق الفاسد لن تنقلع إلاّ بجهاد فكري لا يكتفي بعرض الحق المجرّد بل بإزالة الشّبهة وإقامة الحجّة الرّساليّة وهذا من واجب العلماء الربّانيين الّذين اختصّهم الله بالعلم والبيان لأداء المهمّة النّبويّة الرّساليّة وهي الدّعوة إلى الله على بصيرة.
ولهذا تجد الفرق بين دعوة شيخ الإسلام ودعوة غيره من العلماء: فبعض العلماء يعتقد أنّ واجبه ينتهي بنثر النّصوص على المخالف فإن أبى فله الويل والثّبور: أمّا الشّيخ رحمه الله فمن رحمته بهؤلاء الضّيعى وحرصه على هدايتهم لم يترك لذلك سبيلاً حتّى تعلّم المنطق والفلسفة وأربى فيها على أربابها، كلّ ذلك احتساباً منه في دعوة النّاس وبذل كلّ سبيل مستطاع من أجل بين الحق والذّود عن عرينه، ولا نريد من كلّ شخص أن يكون كشيخ الإسلام لكن لابدّ لكلّ داعية وعالم وباحث أن يضطلع بجزء من المهمّة وبالتّعاون يحصل التّكامل.
وعوداً على بدء أقول: لقد حرص شيخ الإسلام على التّفتيش في زوايا المذاهب البدعيّة وأقوال الفرق الكلاميّة على أسس تقف عليها البدعة ولو كانت غير مرئيّة في الحقيقة، لكنّه استخرجها وانتقشها وأتلفها وبيّن فسادها، وإذا فسد الأسّ فسد البناء وانهدم، وكان ذلك ممّا يفضح عوار المذهب أمام صاحبه ويتبيّن له بعد أن كان يظنّه مسلّماً ضرورياً أنّه فاسد عقلاً وشرعاً.
لقد بنى كثير من أصحاب المذاهب مذاهبهم المحدثة على تصوّرات فاسدة، واعتقدوا أنّ تلك التّصوّرات من الصّحّة بحيث لا يمكن أن يجادل فيها أحد، فنراهم تجاوزا الكلام في تقريرها إلى البناء عليها والاستدلال بها، حتّى تلك الفرق المتنافرة فيما بينها كالأشاعرة والمعتزلة مثلاً، والمرجئة والخوارج، تجدها تتنافر من حيث النّتيجة مع أنّها تتّفق في الأصل الّذي تبني عليه.
ولهذا جاء شيخ الإسلام وشيوخ الإسلام كلّهم ليبيّنوا لهؤلاء أنّ تصوّراتكم الّتي بنيتم عليها مذاهبكم تصوّرات فاسدة أصلاً لا يقرّها عقل ولا يقبلها منطق سليم.
وقد جمعت أموراً من هنا وهناك في بيان بعض التّصوّرات الفاسدة الّتي كان لها أثر في نشأة البدعة أو قوّتها أو انتشارها من كلام أئمّة السّلف وخصوصاً شيخ الإسلام والمسلمين بن تيميّة رحمه الله آملاً أن ينتفع بها إخواني، وسأعرضها حسبما يتيسّر من الوقت والله المستعان ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله.
ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[06 - 08 - 02, 08:44 م]ـ
أحسن الله إليك أيها [الأستاذ] الفاضل على موضوعك المهم.
بداية موفقة بإذن الله
واصل بارك الله.