تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من أقطار المسلمين المتباعدة، فهل تمكّن من إزالته عن صدور المسلمين وقلوب حفظة القرآن وعددهم في ذلك الوقت لا يحصيه إلاّ الله. " البيان في تفسير القرآن " (ص 219).

وما نقله السائل عن الإمام السجستاني من أنه ألَّف كتاباً اسمه " ما غيَّره الحجاج في مصحف عثمان ": غير صحيح بل كذب ظاهر، وكل ما هنالك أن الإمام السجستاني ترجم للرواية سالفة الذكر عن الحجاج بقوله: (باب ما كتب الحجَّاج بن يوسف في المصحف).

وعلى هذا فإنه لا يمكن أن يعتمد على هذا الرواية بحال من الأحوال، ويكفي في تكذيبها أنه لم يثبت حتى الآن أن أحداً نجح في محاولة لتغيير حرف واحد، فلو كان ما روي صحيحاً لأمكن تكراره خاصة في عصور ضعف المسلمين وشدة الكيد من أعدائهم، بل مثل هذه الشبهات التي تثار هي أحد الأدلة على بطلان هذه الدعاوى، وأن الأعداء قد عجزوا عن مقارعة حجج القرآن وبيانه فلجؤوا للطعن فيه.

والله أعلم

الإسلام سؤال وجواب ( www.islam-qa.com)

أسألُ اللهَ أن يكونَ في هذا البيانِ كفايةٌ في موضوعِ الحجاجِ بنِ يوسف الثقفي، وإذا وجدتُ إضافةً سأضعها.

كتبهُ

عبدُ الله زُقَيْل

17 رمضان 1424 هـ


الحمدُ للهِ وبعدُ؛

إن من القضايا المهمةِ حال النقاشِ العلمي البعدُ عن العواطفِ، ولا شك أن ما قام به الحجاجُ من سفكٍ للدماءِ، وهدمٍ للكعبة بالمنجينق، لا يخرجهُ عن دائرةِ الإسلامِ، ولو حصل ذلك لكفرهُ الصحابةُ رضي اللهُ عنهم، وقد نقل بعضُ الإخوة ممن عقبوا على المقالِ هنا بعضَ النقولِ تثبتُ تكفير بعضِ السلفِ للحجاجِ بنِ يوسف الثقفي.

فنقولُ لهم: هل تقبلون النقاش العلمي البعيد عن العاطفةِ والتشنج؟

إن قلتم: نعم، فإليكم الرد.

إن مما قرره أهلُ السنةِ والجماعةِ في بابِ التكفيرِ عدمَ تكفيرِ صاحبِ الكبيرةِ بحالٍ، وهذا الأمرُ أصلٌ من الأصولِ، ولستُ في مقامِ التفصيلِ لهذه المسألةِ لأنها أشهرُ من أن تقررَ.

نأتي على الظالمِ الجبارِ سفاكِ الدماءِ - عاملهُ اللهُ بما يستحق - وننظرُ في النصوصِ التي وردت في حقهِ من كلامِ السلفِ، فقد وردت نصوصٌ بلعنهِ، ونصوصٌ أخرى بتكفيرهِ وعدم تكفيرهِ، وننقلُ جميعَ النصوص الواردةِ للفريقين، ثم بعد ذلك يتبين الصوابُ في المسألةِ.

مسألةُ لعنِ الحَجَّاجِ بنِ يُوْسُفَ الثَّقَفِيُّ:

نقلتُ في المقال السابقِ كلامَ شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميةَ في مسألةِ اللعنِ وأنقلهُ مرة أخرى لأهميته.

قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ: فَلِهَذَا كَانَ أَهْل الْعِلْمِ يَخْتَارُونَ فِيمَنْ عُرِفَ بِالظُّلْمِ وَنَحْوِهِ مَعَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ لَهُ أَعْمَالٌ صَالِحَةٌ فِي الظَّاهِرِ - كَالْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ وَأَمْثَالِهِ - أَنَّهُمْ لَا يَلْعَنُونَ أَحَدًا مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ؛ بَلْ يَقُولُونَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: " أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ " فَيَلْعَنُونَ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ عَامًّا. كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَبَائِعَهَا وَمُشْتَرِيهَا وَسَاقِيَهَا وَشَارِبَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ وَآكِلَ ثَمَنِهَا " وَلَا يَلْعَنُونَ الْمُعَيَّنَ.

كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ: " أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُدْعَى حِمَارًا وَكَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ. وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْلِدُهُ. فَأُتِيَ بِهِ مَرَّةً. فَلَعَنَهُ رَجُلٌ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَلْعَنْهُ. فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ".

وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّعْنَةَ مِنْ بَابِ الْوَعِيدِ وَالْوَعِيدُ الْعَامُّ لَا يُقْطَعُ بِهِ لِلشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ لِأَحَدِ الْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ: مِنْ تَوْبَةٍ أَوْ حَسَنَاتٍ مَاحِيَةٍ أَوْ مَصَائِبَ مُكَفِّرَةٍ أَوْ شَفَاعَةٍ مَقْبُولَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ.ا. هـ.

وممن امتنع عن لعنهِ الإمام أحمدُ رحمهُ اللهُ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير