تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أَقْوِيَاءَ، فَهَذَا أَوَانُ حَقَنْتَ لِي دَمِي، وَاسْتَقْبَلْتَ بِيَ التَّوْبَةَ. قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ.

وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: لَمَّا أُدْخِلَ الشَّعْبِيُّ عَلَى الحَجَّاجِ، قَالَ: هِيْه يَا شَعْبِيُّ! فَقَالَ: أَحْزَنَ بِنَا المَنْزِلُ، وَاسْتَحْلَسْنَا الخَوْفَ، فَلَمْ نَكُنْ فِيْمَا فَعَلْنَا بَرَرَةً أَتْقِيَاءَ، وَلاَ فَجَرَةً أَقْوِيَاءَ. فَقَالَ: للهِ دَرُّكَ.

قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قَالَ أَصْحَابُنَا: كَانَ الشَّعْبِيُّ فِيْمَنْ خَرَجَ مَعَ القُرَّاءِ عَلَى الحَجَّاجِ، ثُمَّ اخْتَفَى زَمَاناً، وَكَانَ يَكْتُبُ إِلَى يَزِيْدَ بنِ أَبِي مُسْلِمٍ أَنْ يُكَلِّمَ فِيْهِ الحَجَّاجَ.

قُلْتُ (الذهبي): خَرَجَ القُرَّاءُ وَهُمْ أَهْلُ القُرْآنِ وَالصَّلاَحِ بِالعِرَاقِ عَلَى الحَجَّاجِ؛ لِظُلْمِهِ وَتَأْخِيْرِهِ الصَّلاَةَ وَالجَمْعِ فِي الحَضَرِ، وَكَانَ ذَلِكَ مَذْهَباً وَاهِياً لِبَنِي أُمَيَّةَ، كَمَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " يَكُوْنُ عَلَيْكُم أُمَرَاءُ يُمِيْتُوْنَ الصَّلاَةَ ". فَخَرَجَ عَلَى الحَجَّاجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الأَشْعَثِ بنِ قَيْسٍ الكِنْدِيُّ، وَكَانَ شَرِيْفاً، مُطَاعاً، وَجَدَّتُهُ أُخْتُ الصِّدِّيْقِ، فَالْتَفَّ عَلَى مائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيْدُوْنَ، وَضَاقَتْ عَلَى الحَجَّاجِ الدُّنْيَا، وَكَادَ أَنْ يَزُوْلَ مُلْكُهُ، وَهَزَمُوْهُ مَرَّاتٍ، وَعَايَنَ التَّلَفَ، وَهُوَ ثَابِتٌ مِقْدَامٌ، إِلَى أَنِ انْتَصَرَ، وَتَمَزَّقَ جَمْعُ ابْنِ الأَشْعَثِ، وَقُتِلَ خَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنَ الفَرِيْقَيْنِ، فَكَانَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ الحَجَّاجُ مِنْهُم، قَتَلَهُ، إِلاَّ مَنْ بَاءَ مِنْهُم بِالكُفْرِ عَلَى نَفْسِهِ، فَيَدَعُهُ.ا. هـ.

فالشعبي من خلال القصةِ رجع عن قولهِ وتاب وقبل الحجاج توبتهُ.

وبعد هذه النقولِ وبيان الأقوالِ يظهرُ أن الحجاجَ لم يكفرهُ أحدٌ من أهل العلمِ، وإنما هي أقوالٌ وردت عن بعضِ السلف لا يفهمُ منها التكفيرُ، ومن جاء عنه التكفير فقد تراجع عنه، وتاب من ذلك، وتبقى مسألةُ مهمة نختمُ بها.

هل كانت فتنةُ ابنِ الأشعثِ من أجل أنهم رأو كفراً بواحاً منه أم أنه من أجل إزالةِ ظلمِ وبطشِ الحجاجِ؟

الذي يظهرُ – واللهُ أعلم – أنهم أرادوا إزالةَ ظلمِ وتسلطِ الحجاجِ عليهم، ولم يريدوا بفعلهم أنه كافرٌ، ولذلك ذكر العلماءُ مسألةَ الخروجِ على الإمامِ الظالمِ الفاسق، واختلف العلماءُ فيها على قولين، قال الحافظُ ابنُ حجرٍ في " تهذيب التهذيب " (2/ 288) عند ترجمةِ الحسنِ بنِ صالح: قولهم: كان يرى السيفَ. يعني الخروجَ بالسيف على أئمةِ الجورِ ... وهذا مذهبٌ للسلفِ قديمٌ، لكن استقر الأمرُ على تركِ ذلك لما رأوه قد أفضى إلى ما هو أشدُ منه.ا. هـ.

كتبهُ

عبد الله زُقَيْل

5 شوال 1424 هـ


الحمدُ للهِ وبعدُ؛

عجباً!!! أين المعلقون على المقالِ بعد أن انتهيتُ منه؟؟؟ هل جفت أقلامهم؟

ولذلك قلتُ منذ البدايةِ في ردي رقم: " 15 " ما نصهُ:

من القضايا المهمةِ حال النقاشِ العلمي البعدُ عن العواطفِ، ولا شك أن ما قام به الحجاجُ من سفكٍ للدماءِ، وهدمٍ للكعبة بالمنجينق، لا يخرجهُ عن دائرةِ الإسلامِ، ولو حصل ذلك لكفرهُ الصحابةُ رضي اللهُ عنهم، وقد نقل بعضُ الإخوة ممن عقبوا على المقالِ هنا بعضَ النقولِ تثبتُ تكفير بعضِ السلفِ للحجاجِ بنِ يوسف الثقفي.

فنقولُ لهم: هل تقبلون النقاش العلمي البعيد عن العاطفةِ والتشنج؟

إن قلتم: نعم، فإليكم الرد.ا. هـ.

في أثناءِ البحثِ في سيرةِ الحجاجِ وجدتُ أموراً ومواقفاً للحجاجِ مع الرعيةِ والعلماءِ نتممُ بها البحث، ومنها ما يصحُ ومنها دون ذلك.

فريةً على الحجاجِ تتعلقُ بكتابِ اللهِ:

من الأمورِ التي نُقلت عن الحجاجِ أنه غير في مصحفِ عثمانَ أحد عشر حرفاً، فما صحةُ الخبرِ الواردِ في ذلك؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير