تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالحلف بغير الله أعظم من قول الرجل: ما شاء الله وشئت، لأنه جاء في حديث الطفيل الذي رواه أحمد وغيره أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يقولون: ما شاء الله وشاء محمد، ولم ينههم صلى الله عليه وسلم عن ذلك في أول الأمر حتى رأى الطفيل الرؤيا وقصها على النبي صلى الله عليه وسلم:" فخطبهم النبي صلى الله عليه وسلم، ونهاهم عن ذلك، وقال: إنكم كنتم تقولون كلمة كان يمنعني الحياء منكم أنْ أنهاكم عنها لا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد ".

وفي رواية "قولوا ما شاء الله ثم شاء محمد".

والظاهر أيضا: أن قول السلف الشرك الأصغر أكبر من الكبائر يعني مما هو من جنسه كالحلفِ، فالحلفُ بغير الله أكبر من الحلف بالله كذبا كما في أثر ابن مسعود، وجنس الشرك أكبر من جنس الكبائر، ولا يلزم من ذلك أن يكون كلما قيل: إنه شرك أصغر يكون أكبر من كل الكبائر، ففي الكبائر ما جاء فيه من التغليظ، والوعيد الشديد ما لم يأت مثلُه في بعض أنواع الشرك الأصغر، كما تقدم في قول الرجل: ما شاء الله وشئت. والله اعلم.

(3) السؤال:

بعضُ الأخوة من طلبة العلم الذين مَنّ الله عليهم بصحة العقيدة، يعيشون في بلاد تكثر فيها البدع، والشركيات، والمنكرات العظيمة .. ونجد معظم نشاطهم، و دروسهم في علوم الآلة كالمصطلح .. ونحوه، أو تحقيق، وتخريج الكتب، أو حتى الدروس الفقهية .. ونحوها ولا نجد لهم دروسا، أو جهودا في تصحيح العقائد الفاسدة، والبدع المنتشرة في بلادهم! فهل من كلمة توجهونها لهم؟ وهل يأثمون بترك الدعوة إلى التوحيد، ونبذ البدع والشرك مع شدة حاجة الناس لذلك؟

الجواب:

الحمد لله لا ريب أن العناية بعلوم الحديث ودراسة الأسانيد، وتحقيق الكتب المشتملة على ذلك عمل جليل والحاجة داعية إليه، وهو سبيل أهل العلم قديما وحديثا، ولكن لا يخفى أن ذلك كله وسيلة إلى معرفة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتمييز الصحيح من غيره والغاية من معرفة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم العمل بهما، والدعوة إلى ذلك. واستغراق الوقت بالوسيلة عن الغاية خطأ ظاهر لا يليق بطلاب العلم، ولا يصدر من ذوي البصائر والفقه في الدين.

ولقد أرسل الله رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، ولقد تحقق ذلك على يده صلى الله عليه وسلم، ويد أصحابه، وأتباعه؛ فالواجب سلوك سبيلهم بالعناية بتدبر القرآن، وتدبر السنة،والتفقه فيهما، والعمل بهما، والدعوة إليهما، ومن أوجب الواجبات الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ومن المعلوم أن أعظم المنكرات؛ الشرك، والبدع كبيرها، وصغيرها، فيجب على أهل العلم القيام بذلك عملا بقوله تعالى {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، وذلك مما يدخل من قام به في عموم قوله تعالى {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ}، ولا يخفى أن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر من فروض الكفاية، ومعنى ذلك أنه إذا لم يتحقق القيام بهذا الواجب تعين على من كان قادرا أن يقوم به نصحا لله، ولكتابه ولرسوله، ولعامة المسلمين.

فيا أيها الأخوة انهضوا بهذا الواجب العظيم، واجب الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر؛ فهذا سبيل الرسول صلى الله عليه وسلم، وأتباعه كما قال تعالى {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، ولا يخفى عليكم فضل الدعوة إلى الله، وما لها من الأثر العظيم في هداية الخلق، وأي ثناء، وترغيب فوق ثنائه سبحانه وتعالى بقوله {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}، نسأل الله أن يسلك بنا، وبكم سبيل المؤمنين، وأن يجعلنا هداة مهتدين إنه تعالى على كل شيء قدير، والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير