مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ}؛ فكانوا كفارا، ومشركين حيث جعلوا بينهم، وبين الله وسائط في العبادة.
وأما من يطلب من الغائب عنه، أو من الميت، وهو بعيد من قبره، فيدعوه في كل مكان، ويستغيث به لذلك فهو مشرك، لأنه قد شبهه بالله الذي يسمع دعاء الداعين، ويغيث الملهوفين.
وبهذا يتبين أنه لا فرق في الحقيقة بين طلب الدعاء، وطلب الشفاعة من حي أو ميت، ولا أذكر أني فرقت بينهما، فلعل الذي نقل ذلك عني قد وهم، أو أني تطرقت لمعنى آخر، ولم يفهم مرادي، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
شيخنا الفاضل عبد الرحمن بن ناصر البراك حفظه الله تعالى
15 - بعض الإخوة عندهم قطع قماش صغيرة من أستار الكعبة، يحملونها تبركا بها، ما قولكم في هذا جزاكم الله تعالى خيرا؟ وإن تتكرمون بذكر آثار عن السلف يستدل بها على ما تذهبون إليه؟
الجواب:
الحمد لله، فضائل الأعمال، والأعيان لا يثبت شيء منها إلا بدليل من الشرع: من كتاب الله، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد دل الكتاب، والسنة على فضل الكعبة، والمسجد الحرام، وأن لهما حرمة عند الله، ولذلك شرع سبحانه الطواف بالبيت، واستلام الركنين منه، وأمر بتطهيره للطائفين، والعاكفين، والركع السجود، وجعل الصلاة في المسجد الحرام تفضل على الصلاة في سائر المساجد بمائة ألف صلاة إلا مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى؛ فلهما فضل على سائر المساجد،
قال الله تعالى {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ} وقال تعالى {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}،
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:" صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام خير من مائة صلاة في مسجدي ".
فالفضل، والأجر، والبركة فيما شرع الله، ولم يدل دليل على فضل التراب، والأحجار الذي بنيت به الكعبة، ولا الماء الذي يسيل من سطحها، أو باطنها من المطر، أو مما تغسل به، ولا القماش الذي كسيت به، فلا يجوز اعتقاد فضيلة، وبركة بشيء من ذلك، ولا يجوز أخذ شيء من كسوة الكعبة لاعتقاد البركة، والنفع به، لكن إذا أخذ الإنسان شيئا منها، واقتناه من أجل التفرج فقط؛ فلا بأس به، والأولى ترك ذلك لأنه لا يأمن أن يكون وسيلة إلى تعظيم القطع من قماش الكعبة، فالأولى عدم الاهتمام به، وعدم اقتنائه سدا لذريعة الابتداع، ووقوفا مع ما جاءت به الشريعة، وما دلت عليه سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وسنة أصحابه رضوان الله عليهم، والله أعلم.
فضيلة الشيخ:
16 - لماذا لم يكفر الإمام أحمد أئمة الجهمية مع ظهور كفرهم؟
الحمد لله، لقد استفاض عن الأئمة تكفير الجهمية بالعموم قال ابن القيم نقل تكفير الجهمية عن خمسمائة من العلماء، ونظم هذا في الكافية الشافية فقال:
ولقد تقلد كفرهم خمسون في ... عشر من العلماء في البلدان
واللالكائي الإمام حكاه عنـ ... هم بل حكاه قبله الطبرانيكما استفاض عن الإمام أحمد، وغيره قولهم: من قال القرآن مخلوق فهو كافر، وهذا قول الجهمية، والمعتزلة.
ولا ريب أن من أقيمت عليه الحجة، وبين له بطلان بدعته، وظهر عناده؛ فإنه كافر؛ فيكفر بعينه، هذا وقد نقل الخلال في السنة، 5/ 117، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 4/ 153 عن أحمد ـ رحمه الله ـ تكفير ابن أبي دؤاد، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى 12/ 489: وقد نقل عن الإمام أحمد أنه كفر قوما معينين [من الجهمية].
17 - هل يجوز تكفير أعيان الإسماعيلية في عصرنا؟ وجزاكم الله خيرا.
الإسماعيلية هم الذين يعرفون بالباطنية، أو هم طائفة منهم، والباطنية ملاحدة زنادقهم قال فيهم بعض الأئمة: إنهم يظهرون الرفض، ويبطنون الكفر المحض.
¥