تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حكم ما لو اتفق جماعة ممن يريدون التعزية أن يذهبوا سوياً لأهل العزاء.

ـ[الظافر]ــــــــ[14 - 06 - 04, 03:04 م]ـ

مسألة: حكم ما لو اتفق جماعة ممن يريدون التعزية أن يذهبوا سوياً لأهل العزاء.

الذي يظهر من استقراء النصوص أنه ليس في ذلك بأس، بل إنه أفضل للمعزِّي والمُعزَّى، فإنه مما يعين المُعزِّي، ولا يتعب المُعزَّى.

ومما يدل على ذلك ما جاء من حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعهد الأنصار، ويعودهم، ويسأل عنهم، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن امرأة من الأنصار مات ابنها فجزعت، فقام إليها ومعه أصحابه يعزيها فقال:" أما إنه بلغني أنك جزعت"، قالت: مالي لا أجزع وأنا رقوب لا يعيش لي ولد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الرقوب الذي يبقى ولدها" ثم قال:" ما من امرئ أو امرأة مسلمة يموت لها ثلاثة أولاد إلا أدخلهم الله بهم الجنة"، فقال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله بأبي أنت وأمي واثنان، قال:" وإثنان" (1).

فدل الحديث على أن الاجتماع للذهاب للتعزية لا بأس به، ولو كان فيه ما يمنع ذلك لما ذهب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم معه، ولما أذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالذهاب معه، ومتقرر عند الفقهاء أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.

ومما يدل على ذلك أيضاً فعل النبي صلى الله عليه وسلم عندما أرسلت له ابنته، فكان يكفي أن يذهب لها لوحده، لكنه صلى الله عليه وسلم أخذ معه أسامة، ومعاذ، وأبي بن كعب، وعبادة بن الصامت، مما يدل على أن ذلك الأمر واسع.

فعن أسامة رضي الله عنه قال كان ابن لبعض بنات النبي صلى الله عليه وسلم يقضي فأرسلت إليه أن يأتيها فأرسل"إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل إلى أجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب" فأرسلت إليه فأقسمت عليه فقام رسول الله صلى اله عليه وسلم وقمت معه، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وعبادة بن الصامت، فلما دخلنا ناولوا رسول الله صلى اله عليه وسلم الصبي ونفسه تقعقع في صدره، حسبته قال: كأنها في شنة فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: سعد بن عبادة رضي الله عنه أتبكي فقال:" إنما يرحم الله من عباده الرحماء" (2).

وكذلك لم يرد دليل على المنع من ذلك، فتبقى المسألة على الأصل وهو جواز ذلك الفعل حتى يدل الدليل على منعه.

لأن الأصل في العادات الإباحة حتى يأتي الدليل بالمنع.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أخرجه الحاكم (1/ 483) ووافقه الذهبي وقال: (صحيح الإسناد)، وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان، أخرجه الهيثمي وقال أخرجه البزار: (رجاله رجال الصحيح).

(2) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد: باب قوله تعالى: (قل ادعو الله أو ادعو الرحمن .... ) (الفتح15/ 307برقم7377)، وأخرجه مسلم في كتاب الجنائز: باب البكاء على الميت (2/ 635 برقم923)، وأخرجه أبو داود في كتاب الجنائز: باب في البكاء على الميت (3/ 251 برقم3125)، وأخرجه النسائي في كتاب الجنائز: باب الأمر بالاحتساب والصبر على المصيبة (4/ 321 - 322برقم1867).

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير