× أن الترمذي يحكم على معظم الأحاديث التي يصححها بقوله (حسن صحيح) وقل ما يحكم على حديث بالصحة فقط. ولا يعقل أن الترمذي تردد في الحكم على معظم الأحاديث التي أوردها في جامعه.
× أن الترمذي حكم على أحاديث في أعلى مراتب الصحة بل ووردت في الصحيحين بقوله "حسن صحيح" فلا يعقل أنه تردد في تصحيح هذه الأحاديث.
× وقد علق الحافظ ابن حجر على هذا بقوله، إن هذا التردد في الحكم على الحديث بالحسن أو الصحة، يقتضي إيجاد نوع ثالث، هو وسط بين الصحيح والحسن، وهذا غير واقع في كلام أهل العلم.
¨ نبه الشيخ طارق عوض الله حفظه الله، إلى أن بعض المحدثين، قد يطلقون وصف الحسن على معنى خاص في السند أو المتن، لا علاقة له بالحكم على الحديث من ناحية القبول أو الرد، فيكون هذا كقول القائل: هذا حديث صحيح موقوف، فالوقف لا علاقة له بقبول الحديث أو رده، وإنما هو حكاية صفة من صفات المتن، وهي وقفه.
¨ أن هذا الحديث حسن وزيادة، فكأن الترمذي يقول: هذا حديث حسن بل صحيح، فكل صحيح حسن، ولا عكس، لأن من أحرز المرتبة العليا، فقد أحرز بلا شك المرتبة الدنيا، ولا عكس، وهذا رأي الحافظ ابن دقيق العيد.
¨ وقد جمع الحافظ، بين رأي من قال بتعدد الأسانيد، ورأي من قال بالتردد في الحكم على الحديث، فقال، بأن الحديث الذي يحكم عليه الترمذي، بأنه حسن صحيح، إما:
§ أن يكون له إسناد واحد، ففي هذه الحالة، يحمل قول الترمذي على التردد في الحكم على الحديث، فيكون الحديث حسنا أو صحيحا، فكأن الترمذي يحكي في هذه الحالة اختلاف الأئمة في حال راوي هذا الحديث، فمن وثق هذا الراوي، سيحكم على الحديث بأنه صحيح، ومن حكم عليه بأن صدوق، أو ما إلى ذلك، من أوصاف راوي الحسن، التي تشعر بخفة الضبط مع تمام العدالة، سيحكم على حديثه بالحسن.
§ وإما أن يكون له أكثر من إسناد، فيكون هذا الحديث حسنا باعتبار إسناد، صحيحا باعتبار إسناد آخر.
وهذا رأي الحافظ في النزهة، ولم يأخذ به في النكت، وإنما أخذ برأي ابن دقيق العيد السابق ذكره.
وهناك عدة ردود على رأي الحافظ، من أبرزها:
§ أن الترمذي مجتهد وليس ناقلا لأحكام من سبقه من أهل العلم، فإذا قلنا بأن الترمذي ينقل خلاف من سبقه في حال راوي الحديث، فهذا يعني أن الترمذي، قد خرج أحاديث مختلف في حال رواة معظمها، ولم يحكم على أحاديث كتابه كناقد مجتهد، وهذا خلاف الواقع.
§ أنه حكم على أحاديث رواتها في أعلى درجات التوثيق، بقوله: حسن صحيح، كبعض أحاديث سلسلة مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، فأي خلاف في حال رواة هذه السلسلة يحكيه الترمذي، وقد أجمع الأئمة على توثيقهم؟.
§ ويرد سؤال مهم في هذا الموضع، وهو: هل اختلف العلماء في حال رواة الأحاديث التي لها سند واحد فقط، حتى يقال بأن قول الترمذي هو حكاية لخلافهم في التحسين أو التصحيح؟ والجواب، بطبيعة الحال: لأن الواقع يظهر خلافهم في رواة أحاديث لها أكثر من إسناد.
§ والناظر إلى صنيع الترمذي، يجده يحكي الخلاف صريحا، إذا ما وجد، فيذكر أقوال أهل العلم في الراوي المختلف فيه، ثم يرجح بينها كإمام مجتهد في أحكامه، فلم يلجأ إلى هذه الطريقة الغامضة في حكاية الخلاف؟.
§ ويرد سؤال آخر، وهو هل الخلاف ينحصر بين الحسن والصحة فقط، أم أنه يشمل الخلاف بين الصحة والضعف، والحسن والضعف، فلم لم يقل الترمذي: حسن ضعيف، أو صحيح ضعيف؟.
§ ثم كيف يحمل قول الترمذي: حسن صحيح، على أن بعض أسانيد الحديث حسنة والأخرى صحيحة، وهو قد اشترط في الحسن الذي يورده في كتابه أن يكون له أكثر من سند، فالحسن عنده مجموع روايات، وكل رواية منها على حدة لا تستحق أن توصف بالحسن ناهيك عن الصحة؟.
¨ وهناك جواب آخر، نبه الشيخ طارق حفظه الله، إلى أن البعض نظمه وأدخله في ألفية السيوطي، وقد جعله الشيخ أحمد شاكر من أصل الألفية وهو:
§ أن الترمذي يعني أن هذا الحديث حسن لذاته صحيح لغيره.
§ أو أنه حسن، وفي نفس الوقت هو أصح ما في هذا الباب، فأصح هنا بمعنى أقوى وأفضل، ولا يفهم منها الصحة الإصطلاحية.
o ويرد على الرأي الأول، ما يرد على من قال بتعدد الأسانيد، فكيف إن كان للحديث إسناد واحد فقط؟.
¥