تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

§ حديث أبي داود رحمه الله، أنه صلى الله عليه وسلم لم يصل على ابنه إبراهيم رضي الله عنه، فهذا الحديث أنكره أحمد رحمه الله انكارا شديدا، بل وصل الأمر إلى أنه ضعف محمد بن إسحاق رحمه الله، بسبب هذا الحديث، وقد جاءت أحاديث أخرى، تدل على أنه صلى الله عليه وسلم صلى على إبراهيم رضي الله عنه، وعلى الطفل عموما، وهي أحاديث مرسلة، ورغم ذلك قدمها الخطابي رحمه الله في معالم السنن، على حديث ابن إسحاق رحمه الله، رغم أنه مسند، وذكر ابن عبد البر رحمه الله، في ترجمة إبراهيم رضي الله عنه في الإستيعاب، أن الصلاة على الطفل أمر أجمع عليه جمهور الصحابة رضي الله عنهم، ولم يخالف إلا سمرة بن جندب رضي الله عنه، فقوله شاذ لا يصلح لتقوية حديث ابن إسحاق المسند الضعيف.

§ حديث النهي عن الإعتكاف إلا في المساجد الثلاثة، فهو حديث ضعيف اختلف في رفعه ووقفه، ووقع في بعض روايات الحديث عند سعيد بن منصور رحمه الله لفظ: لاإعتكاف إلا في المساجد الثلاثة، أو قال: مسجد جماعة، هكذا على الشك، وهذا مما يؤيد عدم الإحتجاج به، وهناك قول لحذيفة رضي الله عنه وبعض التابعين يؤيد عدم الإعتكاف إلا في المساجد الثلاثة، ولكنه قول شاذ ضعيف لا يصلح لتقوية هذا الحديث الضعيف.

وينبه الشيخ طارق بن عوض الله حفظه الله، في شرحه لألفية السيوطي رحمه الله، أن قول الترمذي: حسن صحيح، يعني به معنيين مختلفين، وإلا لكان التكرار حشوا من القول، والملاحظ أن الترمذي رحمه الله، لم يشرح مصطلح الصحيح، وهذا يعني أنه يوافق من سبقه ومن عاصره في تعريفه، والسؤال: هل يمكن تنزيل الحسن عند الترمذي رحمه الله على تلك المواضع التي جمع فيها الترمذي بين وصفي الصحة والحسن، لأن الأصل أن نفهم مصطلح الإمام من كلامه، لا من إفتراضات نفترضها، قد تكون صحيحة أو خاطئة.

والجواب أنه يمكن ذلك، إذا نظرنا، كما سبق إلى شرط الترمذي الأول في الحسن عنده، حيث اشترط ألا يكون راويه متهما بالكذب، وعليه يدخل في هذا الحد كما سبق، الثقة والصدوق والضعيف ضعفا محتملا، ولذا فإن إطلاق وصف حسن صحيح لا إشكال فيه، لأن الحديث قد يرويه الثقة، فيستحق وصف الصحة عند الترمذي رحمه الله وغيره، فإذا أضيف إلى ذلك، وروده من غير وجه، وسلامته من الشذوذ، فإنه يستحق وصف الحسن عند الترمذي فقط، وهذه خلاصة كلام ابن رجب رحمه الله، ويفهم من هذا أن الصحيح الفرد أو الغريب، الذي لم يأت من غير وجه، لايكون حسنا عند الترمذي، وإنما يكون صحيحا فقط، وأما على تعريف الحافظ رحمه الله، فلا يصفو هذا الأمر، لأنه قال بأن شرط الترمذي الأول، يقتصر فقط على الضعيف ضعفا محتملا، ولا يشمل راوي الصحيح أو الحسن لذاته.

وعلى هذا التعريف، يكون: حسن صحيح، أعلى من صحيح فقط، لتعدد طرق الأول، خلاف الثاني، الذي لم يرد إلا من وجه واحد، رغم اجتماع شروط الصحة فيه، ومن تأمل صنيع الترمذي رحمه الله، يجده يحكم على أحاديث في أعلى مراتب الصحة، بقوله: حسن صحيح، بل إن كثيرا منها مخرج في الصحيحين، وإن كان الترمذي يخطيء أحيانا، ولكن هذا راجع لخطأ إجتهاده، لا لمخالفته لشرطه.

وينبه الشيخ طارق عوض الله حفظه الله، إلى أن الشذوذ وصف للرواية، وأما الضعف فهو وصف للراوي، فقد يروي الثقة حديثا يخطيء فيه، فيكون شاذا، وقد يروي الضعيف ضعفا محتملا حديثا يصيب فيه، فيكون صحيحا سالما من الشذوذ، والترمذي رحمه الله يحسن هذا الضرب من الحديث، إذا روي من غير وجه، ولكن هل يصح إطلاق وصف الصحيح على هذا الحديث؟ الجواب بالطبع لا، لأنه لا يرتقي لمرتبة الصحة، وظاهر صنيع الترمذي رحمه الله يؤيد هذا، لأنه يطلق على هذا الضرب لفظ: حسن (فقط)، وهذا مما يؤيد رأي الحافظ ابن رجب رحمه الله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير