وأهدى له المغيرة وليدة من مولدات الطائف تدعى عقيلة وقال إني قد رضيتها لك وكانت فارهة فكان أبو موسى عبد الله بن قيس بن سليم بن حصار وارتحل المغيرة وأبو بكرة ونافع بن كلدة وزياد بن أبي سفيان وشبل بن معبد البجلي حتى قدموا على عمر فجمع بينهم وبين المغيرة فقال المغيرة سل هؤلاء الأعبد كيف رأوني مستقبلهم أو مستدبرهم أو كيف رأوا المرأة أو عرفوها فإن كانوا مستقبلي فكيف لم أستتر أو مستدبري فبأي شيء استحلوا النظر إلي في منزلي على امرأتي فوالله ما أتيت إلا امرأتي وكانت تشبهها فبدأ بأبي بكرة فشهد عليه أنه رآه بين رجلي أم جميل وهو يدخله ويخرجه كالميل في المكحلة قال كيف رأيتهما قال مستدبرهما قال فكيف استثبت رأسها قال تحاملت قال ثم دعا بشبل بن معبد فشهد بمثل ذلك قال استدبرتهما أم استقبلتهما قال استقبلتهما وشهد نافع بمثل شهادة أبي بكر ولم يشهد زياد بمثل شهادتهم قال رأيته جالسا بين رجلي امرأة فرأيت قدمين مخضوبتين تخفقان واستين مكشوفتين وسمعت حفزانا شديدا قال هل رأيته كالملمول في المكحلة قال لا قال هل تعرف المرأة قال لا ولكن أشبهها قال فتنح وأمر بالثلاثة فجلدوا الحد وقرأ فإذا لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون فقال المغيرة اشفني من الأعبد قال اسكت اسكت الله نأمتك والله لو تمت الشهادة لرجمتك بأحجاري.
قلت: وهذه حكاية كذب موضوعة لأمور:
الأول: سيف بن عمر وهو الضبي، قال يحيى ضعيف الحديث فلس خير منه وقال أبو حاتم الرازي متروك الحديث وقال النسائي والدارقطني ضعيف وقال ابن حبان يروي الموضوعات عن الأثبات وقال إنه يضع الحديث، فلعلها من وضعه.
الثاني: الراوي عنه شعيب بن إبراهيم قال في الذهبي في ميزانه: فيه جهالة.
الثامنة:
وأخرج ابن عساكر أيضا في ترجمة المغيرة بن شعبة من تاريخه:
أنبأنا أبو علي بن نبهان وأخبرنا أبو الفضل بن ناصر أنا أحمد بن الحسن ومحمد بن إسحاق بن إبراهيم وابن نبهان
ح وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أحمد بن الحسن قالوا أنا أبو علي بن شاذان أنا أبو بكر محمد بن الحسن بن مقسم المقرىء نا أبو العباس ثعلب قال لما أن قال أبو بكرة أشهد أنه لزان قال عمر اجلده قال له علي إذا فارجم صاحبك لأنك قد اعتددت بشهادته فصارت شهادتين وإنما هي شهادة واحد أعادها.
أقول: وهذا أيضا لا يصح لعلتين:
1 - فمحمد بن الحسن بن مقسم المقريء قال الذهبي: تكلموا فيه، وفي لسان الميزان لابن حجر ما يفيد أنه كان يتلقن ويدخل عليه ما ليس من حديثه.
2 - وأبو العباس ثعلب هو أحمد بن يحيى بن يزيد الشيباني مولاهم البغدادي صاحب الفصيح ثقة لكن بينه وبين الصحابة مفاوز تنقطع دونها أعناق الإبل.
تاسعا:
ما رواه البيهقي في سننه الكبير (10/ 152) من حديث عمرو بن محمد عن قيس عن سالم الأفطس عن سعيد بن عاصم قال كان أبو بكرة إذا أتاه الرجل يشهده قال أشهد غيري فإن المسلمين قد فسقوني.
وهذا أيضا لا يصح بل هو ضعيف جدا وذلك أن قيسا الراوي عن سالم الأفطس هو قيس بن الربيع، وقيس ضعيف، ولذلك مرضه البيهقي في سننه حيث قال: إن صح.
وهاك أقوال العلماء في قيس بن الربيع:
قال يحيى ليس بشيء، وقال مرة ضعيف، وقال مرة لا يكتب حديثه، وقال أحمد: كان كثير الخطأ في الحديث وروى أحاديث منكرة، وكان ابن المديني ووكيع يضعفانه، وقال السعدي ساقط، وقال الدارقطني ضعيف الحديث، وقال النسائي متروك الحديث.
وضعفه كذلك ابن حزم في المحلى وقال (9/ 443):
وأما الرواية عن أبي بكرة إن المسلمين فسقوني فمعاذ الله أن يصح، ما سمعنا أن مسلما فسق أبا بكرة ولا امتنع من قبول شهادته على النبي صلى الله عليه وسلم في أحكام الدين وبالله تعالى التوفيق.
عاشرا: روى عبدالرزاق في مصنفه (7/ 311) من حديث الثوري، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي قال: لما شهد أبو بكرة .. فذكره.
أقول: وهذا أيضا لا يصح لأن سليمان التيمي وإن كان ثقة زاهد رحمه الله تعالى ورضي عنه إلا أنه ذكر بالتدليس والإرسال وصفه بذلك النسائي وغيره كما في المدلسين لابن حجر.
حادي عشر: ما رواه البلاذري كما في التلخيص الحبير (4/ 64) بإسناد فيه علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف.
¥