[الوضوء بالماء البارد في شدة البرد عبوديه]
ـ[بدر الدين احمد]ــــــــ[20 - 06 - 04, 08:21 م]ـ
قال الشيخ ابن قاسم الحنبلي في حاشيته علي الروض المربع:
((وذكر ابن القيم وغيره ان الوضوء بالماء البارد في شدة البرد عبوديه))
فهل اذا وجد ماء دافئ و بارد يستحب العدول عن الدافئ واستعمال البارد في شدة البرد؟؟ وعند عدم البارد هل يشرع تبريد الماء؟؟
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[21 - 06 - 04, 08:44 م]ـ
كلا ثم كلا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما ,والله تبارك وتعالى يحب ان يرى أثر نعمته على عبده وإنما يكون الوضوء بالماء البارد عبوديه عند عدم غيره وفي الحديث "إن خيردينكم أيسره" قالها ثلاثا وهكذا يخطىء بعض الناس في فهم حديث"أجرك على قدر نصبك"والمراد إن لم تتأتى العبادة إلا بمشقة لاتعمد الشقة"وما جعل عليكم في الدين من حرج"ولا يشك في هذا من عنده مسكة من علم بمقاصد الشريعة الغراء.
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[22 - 06 - 04, 08:26 ص]ـ
فائدة نفيسة يُرحل إليها من شيخ الإسلام ابن تيمية.
قال - رحمه الله -:
قول بعض الناس: " الثواب على قدر المشقة " ليس بمستقيم على الإطلاق، كما قد يستدل به طوائف على أنواع من الرهبانيات، والعبادات المبتدعة التي لم يشرعها اللّه ورسوله من جنس تحريمات المشركين وغيرهم ما أحل اللّه من الطيبات، ومثل التعمق والتنطع الذي ذمه النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: " هلك المتنطعون "، وقال: " لو مد لي الشهر لواصلت وصالًا يدع المتعمقون تعمقهم "، مثل الجوع أو العطش المفرط، الذي يضر العقل والجسم، ويمنع أداء واجبات أو مستحبات أنفع منه، وكذلك الاحتفاء والتعري والمشي الذي يضر الإنسان بلا فائدة، مثل حديث أبي إسرائيل الذي نذر أن يصوم، وأن يقوم قائما ولا يجلس ولا يستظل ولا يتكلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " مروه فليجلس، وليستظل، وليتكلم، وليتم صومه) " رواه البخاري، وهذا باب واسع.
وأما " الأجر على قدر الطاعة " فقد تكون الطاعة للّه ورسوله في عمل ميسر، كما يسر اللّه على أهل الإسلام: الكلمتين، وهما أفضل الأعمال؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: " كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن، سبحان اللّه وبحمده، سبحان اللّه العظيم) " أخرجاه في الصحيحين.
ولو قيل: " الأجر على قدر منفعة العمل، وفائدته " لكان صحيحًا اتصاف الأول باعتبار تعلقه بالأمر والثاني باعتبار صفته في نفسه.
والعمل تكون منفعته وفائدته تارة من جهة الأمر فقط، وتارة من جهة صفته في نفسه، وتارة من كلا الأمرين، فبالاعتبار الأول ينقسم إلى طاعة ومعصية، وبالثاني ينقسم إلى حسنة وسيئة، والطاعة والمعصية اسم له من جهة الأمر، والحسنة والسيئة اسم له من جهة نفسه، وإن كان كثير من الناس لا يثبت إلا الأول، كما تقوله الأشعرية وطائفة من الفقهاء من أصحابنا وغيرهم.
ومن الناس من لايثبت إلا الثاني، كما تقوله المعتزلة وطائفة من الفقهاء من أصحابنا وغيرهم، والصواب إثبات الاعتبارين، كما تدل عليه نصوص الأئمة وكلام السلف وجمهور العلماء من أصحابنا وغيرهم.
فأما كونه مشقًا: فليس هو سببًا لفضل العمل ورجحانه، ولكن قد يكون العمل الفاضل مشقًا، ففضله لمعنى غير مشقته، والصبر عليه مع المشقة يزيد ثوابه وأجره، فيزداد الثواب بالمشقة، كما أن من كان بعده عن البيت في الحج والعمرة أكثر يكون أجره أعظم من القريب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة في العمرة: " أجرك على قدر نصبك) " لأن الأجر على قدر العمل في بعد المسافة، وبالبعد يكثر النصب فيكثر الأجر، وكذلك الجهاد، وقوله صلى الله عليه وسلم: " الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأه ويتتعتع فيه، وهو عليه شاق له أجران ".
فكثيرًا ما يكثر الثواب على قدر المشقة والتعب، لا لأن التعب والمشقة مقصود من العمل، لكن لأن العمل مستلزم للمشقة والتعب، هذا في شرعنا الذي رفعت عنا فيه الآصار والأغلال، ولم يجعل علينا فيه حرج، ولا أريد بنا فيه العسر، وأما في شرع من قبلنا فقد تكون المشقة مطلوبة منهم.
وكثير من العباد يرى جنس المشقة والألم والتعب مطلوبًا مقربًا إلى اللّه؛ لما فيه من نفرة النفس عن اللذات والركون إلى الدنيا وانقطاع القلب عن علاقة الجسد، وهذا من جنس زهد الصابئة والهند وغيرهم.
ولهذا تجد هؤلاء مع من شابههم من الرهبان يعالجون الأعمال الشاقة الشديدة المتعبة من أنواع العبادات والزهادات، مع أنه لا فائدة فيها ولا ثمرة لها، ولا منفعة إلا أن يكون شيئًا يسيرًا لا يقاوم العذاب الأليم الذي يجدونه.
ونظير هذا الأصل الفاسد مدح بعض الجهال بأن يقول: فلان ما نكح ولا ذبح، وهذا مدح الرهبان الذين لا ينكحون ولا يذبحون، وأما الحنفاء فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لكني أصوم وأفطر وأتزوج النساء، وآكل اللحم، فمن رغب عن سنتي فليس مني ".
وهذه الأشياء هي من الدين الفاسد، وهو مذموم، كما أن الطمأنينة إلى الحياة الدنيا مذموم. ...
" مجموع الفتاوى " (10/ 620 - 623)
¥