تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن أهمية التوحيد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشيد بالتوحيد تعظيماً لشأنه واهتماماً به حتى وهو في مرض الموت حيث قال: ((لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) والمرء مهما بلغ من العلم يظل مُحتاجاً إلى التوحيد ومعرفته، والدليل أيضاً على أهمية التوحيد أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا إليه عشر سنين، وذلك قبل أن تفرض عليه الفرائض تعظيماً لشأنه؛ ولأن الله لا يقبل الأعمال إلا به، والتوحيد هو فاتحة القرآن العظيم وهو خاتمته فهو فاتحة القرآن كما في أول سورة (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) وهو في خاتمة القرآن العظيم (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ).

قال شيخ الإسلام: وجماع الدين أصلان أن لا نعبد إلا الله ولا نعبده إلا بما شرع، لا نعبده بالبدع كما قال تعالى: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) وذلك تحقيق الشهادتين شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمداً رسول الله، إذن للعبادة شرطان، الإخلاص والمتابعة، قال الفضيل بن عياض: هو أخلصه وأصوبه، قالوا: يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه؟ فقال: إن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل حتى يكون خالصاً صواباً، والخالص أن يكون لله والصواب أن يكون على السنة ثم قرأ قوله تعالى: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)، ومن وصايا الشيخ عبد القادر الجيلاني – رحمه الله تعالى – ما قاله لولده حين استوصاه وهو في مرض الموت: ((عليك بتقوى الله وطاعته ولا تَخَفْ أحداً ولا ترجه، وَكِلِ الحوائج كلها إلى الله عز وجل واطلبها منه ولا تثق بأحد سوى الله عز وجل، ولا تعتمد إلا عليه سبحانه، التوحيد التوحيد التوحيد، وجماع الكل التوحيد)). وقال – رحمه الله تعالى – في كتابه " فتوح الغيب"

و" الغنية ": ((ينبغي لكل مسلم موحد أن لا يتكل إلا على الله ولا يستغيث إلا بالله ولا يعتقد التصرف إلا لله وأن يجعل مرآة عمله حديث ابن عباس، قال: كنت راكباً خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا غُلام احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشي قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجَفت الصُحف)).

ويكفيك أيها المسترشد قوله تعالى في الفاتحة التي تقرأها في صلاتك (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) فلا تعبد غيره ولا تستعن إلا به ولا تطلب إلا منه فهذا هو التوحيد)).

وإن من المؤسف اليوم أن هناك من يُهونُ من شأن التوحيد مُدعين أن الناس مسلمون، وأن البلاد هي بلاد إسلام، فهل ما تمر به الأمة الإسلامية من انحطاط في الأخلاق إلا نتيجة هجران العقائد الصحيحة، وهل تفشي الجهل وبروز المنكرات والبدع في الدين إلا نتيجة حتمية لهجران منهج التوحيد الصحيح، فلا يكفي أن يكون المسلم مسلماً بالاسم من غير أن يحقق الإسلام، ولن يحققه إلا إذا عرف أساسه وقاعدته التي يبنى عليها وهو التوحيد، والناس إذا جهلوا التوحيد وجهلوا مسائل الشرك وأمور الجاهلية وقعوا فيها من حيث يدرون أو لا يدرون وحينئذ تقوض عقيدة التوحيد.

قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية.

ومن هنا يجب علينا: أن نهتم بجانب التوحيد وأن نعتني به عناية تامة بأن نَدرسه ونُدرِّسه ونحاضر فيه ونعقد فيه الندوات ونكتب في الصحف وندعو إلى التوحيد؛ لأن هذا أساس ديننا وهذا مبنى عقيدتنا، ونحن أحوج الناس إلى أن نتعرف عليه وأن نتدارسه ونبينه للناس؛ فعالمنا الإسلامي اليوم فيه من المشاهد الشركية المشيدة على القبور وعبادة الموتى والتقرب إلى القبور الشيء الكثير. وهناك البعض - مع الأسف - لا يهتمون بأمر التوحيد إنما قصروا دعوتهم على الأخلاق الطيبة وإلى ترك الزنا وشرب الخمور، ولو ترك الناس الزنا وشرب الخمور وحسنوا أخلاقهم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير