تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

صلى الله عليه وسلم: ((لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي)) [رواه أبو داود وصححه الألباني]. مما تقدم عرف أن الولاء والبراء عقيدة وأصلٌ من أصول الدين، وأنه لا نصرة ولا موالاة مع الكفار البتة، وأنها ليست بالأمر الجزئي كما يصوره بعضهم ويتهاون فيه بأعذار شتى، فبعضهم حصل له تلبيس وقلب للمفاهيم، فتجد بعض الناس إذا تحدثت عن الحب في الله والبغض في الله قال: هذا يؤدي إلى نفرة الناس، ويؤدي إلى كراهية الناس لدين الله عزوجل. وهذا الفهم مصيبة، ولهذا يقول ابن القيم رحمه الله عن مكائد النفس الأمارة بالسوء: ((إن النفس الأمارة بالسوء تري صاحبها صورة الصدق وجهاد من خرج عن دينه وأمره في قالب الانتصاب لعداوة الخلق وأذاهم وحربهم، وأنه يعرض نفسه للبلاء ما لا يطيق، وأنه يصير غرضاً لسهام الطاعنين وأمثال ذلك من الشبه)) وقد نسي هؤلاء قول الله تعالى: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) (الزمر:36)، وقوله تعالى:) وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) (الطلاق: من الآية3). فالناس يقعون في المداهنة والتنازلات في دين الله عز وجل باسم السماحة، ولا شك أن هذا من التلبيس، خاصة إذا علم أن من لوازم هذا الأمر أن يظهر على جوارح المرء، فلا يستقيم لإنسان يدعي أنه يوالي في الله ويحب في الله ويبغض في الله وتجده ينبسط وينصر ويؤيد من أبغضه الله، فبغض أعداء الله من النصارى واليهود وغيرهم محله القلب، لكن يظهر على الجوارح لا أن يمد يده للكفار من قريب أو بعيد، بل العكس عليه أن يجهر بمعاداة أعداء الله وإظهار بغضهم ومنابذتهم بالسنان واللسان والجنان ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وعدم التعاون معهم، ولا المشاركة بأعيادهم، يقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) (الفرقان:72) والزور كما قال بعض المفسرين هو: أعياد المشركين ولهذا تجد أهل العلم في غاية التحذير من هذا الأمر حتى إن بعض علماء الأحناف قال: ((من أهدى لمجوسي بيضة في يوم النيروز فقد كفر))، بل ولا بدئهم بالسلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام؛ فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى

أضيقه)) [رواه مسلم]، ولا التشبه بهم فيما هو من خصائصهم من أمور الدنيا كالأخلاق وكالملبس وطريقة الأكل والشرب وعاداتهم الخاصة الأخرى أو أمور الدين كالتشبه بشعائر دينهم وعبادتهم، أو ترجمة كتبهم وأخذ علومهم برمتها من غير تمحيص ومعرفة وتنقية، أو استعارة قوانينهم ومناهجهم في الحكم والتربية، والعمل بها، وإلزام الناس عليها، وعدم الترحم عليهم، ولا مداهنتهم ومجاملتهم ومداراتهم على حساب الدين، أو السكوت على ما هم عليه من المنكر والباطل، قال الله تعالى: (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) (القلم:9)، وقال: (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) (هود:113) وعدم التحاكم إليهم، أو الرضى بحكمهم؛ لأن متابعتهم تعني: ترك حكم الله تعالى، قال تعالى: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) (البقرة:120)، ولا تعظيمهم ومخاطبتهم بالسيد والمولى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقولوا للمنافق سيد فإنه إن يك سيداً فقد أسخطتم ربكم عز وجل)). وهذا هو الأصل في التعامل مع أعداء الله، وقد بين أهل العلم أن المؤمن تجب محبته وإن أساء إليك، والكافر يجب بغضه وعداوته وإن أحسن إليك، وقد أوجب الله معاداة الكفار والمشركين، وحرم موالاتهم وشدد فيه، حتى أنه ليس في كتاب الله حكم فيه من الأدلة أكثر وأبين من هذا الحكم بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده، ولا يستثنى من إظهار هذا البغض والكره والمعاداة إلا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير