تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

خشية فوت النفس أو تعاظم المفاسد ومعلوم أن الضرورات تقدر بقدرها، وبضابط الشرع لا الهوى كما يحصل في كثير من بلاد المسلمين وخاصة المحتلة من الكفار، وما يجري الآن من تمييع لهذه العقيدة، وهذا الحد الفاصل بين أولياء الرحمان وأولياء الشيطان وبتنظيم شيطاني وأسلوب خبيث من محاولات لمحو هذا المفهوم من مناهج التعليم حتى وصل الأمر إلى المنابر وعلى لسان أئمة السوء أو من أطم الجهل عقله أو من غُرر به فاغتر وسار بركب من عتى وتجبر وبدأ يبث هذا الزيغ بغطاء الدعوى آنفة الذكر ممرراً هذا المكر على بسطاء الناس ومن هم على شاكلته، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، قال أبو الوفاء بن عقيل: ((إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك، وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة)). وقد كان الإمام أحمد - رحمه الله - إذا نظر إلى نصراني أغمض عينيه، فقيل له ذلك، فقال - رحمه الله -: ((لا أستطيع أن أنظر إلى من افترى على الله وكذب عليه)) فانظر أخي المسلم كيف كان الإمام أحمد يغار على الله من أن ينظر إلى من افترى وقال: أنَّ لله ولداً - تعالى الله عما يقول علواً كبيراً - وقارن بمن ذكرنا سابقاً ممن يتعامل ولا يتعاون على حد زعمه، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شأن النصارى: ((أهينوهم ولا تظلموهم، فإنهم سبوا الله تعالى أعظم المسبة))، على أن لا ننسى أن لا يحملنا هذا الأمر على الظلم؛ فقد أمرنا الله تعالى بالعدل حيث قال تعالى: (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة:8) ويقول في الحديث القدسي: ((ياعبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا))، كذلك من مقتضى الولاء والبراء الانضمام إلى جماعة المسلمين، وعدم التفرق عنهم، والتعاون معهم على البر والتقوى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً) (النساء:115)، وكذلك من مقتضى الولاء والبراء عدم التجسس على المسلمين، أو نقل أخبارهم وأسرارهم إلى عدوهم، وكف الأذى عنهم، وإصلاح ذات بينهم، قال تعالى: (وَلا تَجَسَّسُوا) (الحجرات: 12) وكذلك نصرتهم، وأداء حقوقهم من عيادة مريض واتباع جنائز، والرفق بهم واللين والرقة والذل وخفض الجناح معهم. وأهل السنة والجماعة يقسمون الناس في الموالاة إلى ثلاثة أقسام: أولاً: من يستحق الموالاة والحب المطلق وهم المؤمنون الخلص الذين آمنوا بالله تعالى رباً، وبرسوله صلى الله عليه وسلم نبياً، وقاموا بشعائر الدين علماً وعملاً واعتقاداً قال الله تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) (المائدة:55) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)) [رواه البخاري] وقال: ((المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه)) [رواه البخاري]. ثانياً: من يستحق الموالاة والحب من جهة والمعاداة والبغض من جهة أخرى، وهم عصاة المؤمنين يحبون لما فيهم من الإيمان والطاعة، ويبغضون لما فيهم من المعصية والفجور التي هي دون الكفر والشرك. ثالثاً: من يستحق المعاداة والبغض المطلق وهم الكفار الخلص الذين يظهر كفرهم وزندقتهم، وعلى اختلاف أجناسهم من اليهود والنصارى، والمشركين، والملحدين، والوثنيين، والمجوس، والمنافقين، أو من تبعهم من أصحاب المذاهب الهدامة، والأحزاب العلمانية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير