تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ختاماً إخوة الإيمان نقول: عودة إلى مفهوم " لا إله إلا الله محمد رسول الله " الفهم الصحيح، كما فهمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الأخيار، وتحكيماً لشريعة الله واتباعاً لما أنزله وكفراً بكل طاغوت وبكل عرف وبكل هوى وبكل عادة أو تقليد تشرع للناس ما لم يُنَزِّل الله، عند ذاك وحسب يكون صلاح الدين والدنيا، وخير الآخرة والأولى، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: ((فلا تزول الفتنة عن القلب إلا إذا كان دين العبد كله لله عز وجل، فيكون حبه لله ولما يحبه الله، وبغضه لله ولما يبغضه الله، وكذلك موالاته ومعاداته))، هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ذم التعصب

إن مِمَّا تتعرض لَهُ أمتنا الإسلامية في ظل ظروفنا الراهنة - من ضعف وخور وتكالب أعداء وتمزق - محاولات لتغريب كل عناصر الوحدة الَّتي هي من أهم عناصر القوة وأساليب تحقيق المكنة لهذه الأمة، ومن هذِهِ المحاولات - وإن لَمْ تكن جديدة – التعصب المذموم، والتقليد الأعمى، والذي هُوَ دخيل عَلَى أخلاق المسلم وَقَدْ يؤدي بصاحبه إلى العمى عن طريق الحق، وتحكيم شرع الهوى عَلَى شرع الله والعياذ بالله.

والتعصب أنواعه كثيرة جداً، وفي كل مرحلة من مراحل تاريخنا السالف عدى العصور الثلاثة الخيرية الأولى كَانَ التعصب موجوداً وجوداً نسبياً، يحمل سمات ذَلِكَ العصر، فمن تعصب مذهبي فقهي في عصر برزت فِيهِ المذاهب الفقهية كأبرز سمات ذَلِكَ العصر، إلى تعصب فكري برزت فِيهِ المذاهب الكلامية والفكرية، إلى تعصب أممي أو قومي، إلى غير ذَلِكَ. وكل تلك الحالات من التعصب أخذت نارها تخفت وتلتهب بَيْنَ آونة وأخرى، تاركة نكبات عَلَى هذِهِ الأمة عَلَى حسب شدة تلك الفتن، وفي عصرنا الراهن حيث برزت فِيهِ الأحزاب والتكتلات السياسية وربما هي أبرز مَا يميز هَذَا العصر، فلم يزل عدو الله إبليس يحرش بين المسلمين، ويوغر صدورهم ويوسوس لهم ويلقي في قلوبهم العداوة والبغضاء والحسد والتهاجر؛ حتى وصلت الأمة الإسلامية إلى ما وصلت إليه من العداوة والاختلاف والتفرق شيعاً وأحزاباً، وهذا مصداق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم)) (رواه مسلم). وفي هذه الأيام برز نوع آخر من أنواع التعصب، ألا وهو التعصب للأحزاب والجماعات، وأخذت هذِهِ الظاهرة تطفو عَلَى السطح بشكل جلي ومقرف، وأخذت النزاعات بَيْنَ الأفراد والجماعات تصل حد الإقصاء للآخرين فمن مظلل ومبدع ومفسق ومكفر، وكلها تصب في خانة واحدة هي خدمة أعداء الله وأعداء هَذَا الدين الحنيف، حتى خرج كون هذه الأحزاب والجماعات وسائل حديثة للدعوة إلى وسائل للتنفير والفرقة وشق صف المسلمين ووحدتهم وإضعاف شكيمتهم، وغدا التعصب لها ولأفكار رجالاتها، لا تعصباً للحق، وفي ذَلِكَ يقول الإمام الشافعي

– رحمه الله -: ((وبالتقليد أغفل من أغفل مِنْهُمْ والله يغفر لنا ولهم)

فالمسلم همه الحق وبغيته رضا الله وسيره عَلَى منهج يحكمه الدليل لا الهوى، أما التعصب للأشخاص أو الجماعات أو الأفكار أو الأحزاب، فإنه لا محالة سيورد صاحبه التطرف بَيْنَ إفراط وتفريط، والمؤمن مطالب أن ينتصف من نفسه للحق، وكما قَالَ عمار بن ياسر رضي الله عَنْهُ: ((ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان: الإنصاف من نفسك، وبذل السلام للعالم، والإنفاق من الإقتار)) (رواه البخاري معلقاً) وعلى هَذَا كَانَ أصحاب رسول الله وقَّافين عِنْدَ كتاب الله وسنة نبيه، وجمهور الأمة متفق عَلَى أن العصمة للرسول وللأمة في مجموعها وَمَا عدا ذَلِكَ فيؤخذ مِنْهُ، ويرد بقدر قربه وبعده عن الحق، وَمَا اختلف فِيهِ الأئمة والناس من بعدهم فمرجعه الكتاب والسنة، لا آراء الرجال ومناهج الأحزاب ومصالحهم، وإن إثبات خطأ الحزب أو المرجع الديني لا يعد قدحاً في نيته أو إخلاصه، بل هو تصحيح لمنهج أو فكر أو فهم بشري لا يكاد يخلوا بشر من حاجته إليه، وفي ذلك يقول الإمام أحمد: ((ومن يعْرى عن الخطأ والتصحيف))، ويقول

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير