تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

4 - الوقفة الرابعة: الحرص على الأعمال التي يجري ثوابها إلى ما بعد الممات: إنَّ من عظم فضل الله تعالى على هذه الأمة القصيرة آجالها أنْ دَلَّها على أعمال يستمر ثوابها إلى ما بعد الممات، قال صلى الله عليه وسلم: ((إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة، إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)). (أخرجه مسلم في الصحيح).

فينبغي على الإنسان العاقل أن يستعد للرحيل في كل ساعة (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).

5 - الوقفة الخامسة: ينبغي على كل مسلم تذكر أول ليلة له في قبره؛ فإنَّ ذلك مُعينٌ له على التخفف من الأوزار في هذه الدنيا؟ قال الشاعر:

فارقتُ موضع مرقدي

يوماً ففارقني السكون

القبرُ أولُ ليلةٍ

بالله قل لي ما يكون؟!

وكان الربيع بن خثيم يتجهز لتلك الليلة، ويُروى أنَّه حفر في بيته حفرة، فكان إذا وجد في قلبه قساوةً دخل فيها، وكان يمثل نفسه أنَّه قد مات وندم وسأل الرجعة، فيقول: (رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ)، ثم يجيب نفسه فيقول: قد رجعت يا ربيع.

6 - الوقفة السادسة: ومما ينفع المسلم في دُنياه وآخرته مُجالسةُ من يستعينُ بهم على فِعل الخير؛ ليكونوا مُترجمين للمقالة المشهورة: ((اجلس بنا نؤمن ساعة)) فتذكر الآخرة يعين على الاستقامة.

رويَ أنَّ أحدَ خُلفاء بني العباس بنى قصراً وزيَّنه، وأعدَّ وليمةً كبيرة، ودعا إليها أبا العتاهية، وقال له:

صِف لنا ما نحن فيه من النعيم، فقال أبو العتاهية:

عِشْ ما بَدا لك سالماً

في ظل شاهقةِ القُصور

فقال له الخليفة: أحسنت، ثم ماذا، فقال أبو العتاهية:

يُسعى عليك بما اشتهيت

لدى الرواحِ وفي البُكور

فقال له الخليفة: أحسنت، ثم ماذا، فقال أبو العتاهية:

فإذا النفوسُ تقعقعت

في ضيقِ حَشرجةِ الصدور

فهناك تعلمُ مُوقناً

ما كُنتَ إلا في غرور

فبكى الخليفة لهذه الموعظة، فقال حاجبه لأبي العتاهية:

أرسل إليك الخليفة لتسعده فأحزنته، فقال الخليفة:

دَعهُ، فقد رآنا في عمًى فكَرِهَ أنْ يَزيدَنا عمى.

7 – الوقفة السابعة: والوقفة الأخيرة هي مع قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ * إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عَابِدِينَ) فهذه البشارة الإلهية تَنصُّ على أنَّ زمام الأمور ومقاليدها سيكون من نصيب الصالحين وحدهم في نهاية المطاف، وفي هذا باعث كبير للأمل في نفوس المسلمين، لكي يعلموا أنَّ الليل مهما طال لا بد أن يَعقبه الفجر (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً)، قال الشاعر:

أرى قميصاً يُعيدُ النورَ ثانيةً

لعينِ يعقوبَ حقاً بعدما نَحبا

أرى عصًا هزت الدنيا بما فعلت

فرعون طاحَ بها والسحرُ قد نُكبا

إن في ذلك لعبرة لمن كان له قلب وألقى السمع أو أبصر.

وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين.

سيذكر من يخشى

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على حبيبه المصطفى، وعلى آله وصبحه ومن بهم اقتدى وبعد:

فهذه تذكرة تنفعنا جميعاً في هذه الأيام التي كثرت فيها الحوادث والخطوب وتكالبت فيها الأمم على أمة الإسلام، وهذا ما أخبرنا به الله تعالى في كتابه العزيز (وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا) وتتضمن هذه الأسطر تذكرتان:

1 - التذكرة الأولى: حول الإشاعة وخطرها على المسلمين …

الإشاعة: هي الخبر الذي يكون مصدره مجهولاً في أغلب الأحيان، وهي سريعة الانتشار.

والذي يستفيده المغرضون من بث الإشاعات هو:

1 – الشماتة: وذلك بأن يكون الدافع والمحرك لنشر الإشاعة وترويجها بين الناس إنما هو الشماتة بصاحبها والوقيعة فيه.

2 – الفضول: وهذا حال أغلب المروِّجين للإشاعات، فتراه فضولياً يبحث عن ما لا يعنيه من أمور الناس.

3 – قتل أوقات مجالس المسلمين بذكرها: وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل على خلو المجالس من ذكر الله والتواصي بالخير والمعروف.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير