تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

4 – تشوية الصورة: وذلك يكون بالانتقاص من الشخص المُشاع عنه، وتشويه صورته بالمجتمع لغاية في نفس المغرضين، أعاذنا الله من ذلك كله.

خطر الإشاعة:

يَكمنُ خطر الإشاعة في أنَّها تزيد من تفرُّق المسلمين وتوقد نار الشحناء والبغضاء بينهم، فينبغي الابتعاد عن هذا العمل؛ لأنه يُبغض الله تعالى: (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) فذكر سبحانه أنَّ هذا الصنف من الناس يتلقى أعظم الأمور وأخطرها بلا مبالاة ولا اهتمام، فلسان يتلقى عن آخر بلا تدبر ولا فحص ولا إمعان، حتى لكأن القول لا يمر على الآذان، ولا تتملاه الرؤوس، ولا تتدبره العقول، فينطق اللسان بالإشاعة الباطلة من غير وعي ولا عقل ولا قلب.

فعلى ناقل الإشاعة أن يتقي الله في نفسه ويراقبه في كل ما يقول ويفعل، وعليه أن يتذكر أنَّه مُحاسب على كل كلمة يتكلم بها، قال صلى الله عليه وسلم: ((رُبَّ كلمةٍ لا يُلقى لها بال تهوي بصاحبها سبعين خريفاً في النار)).

وقال تعالى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلاً).

قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله عن هذه الآية الكريمة:

((هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق، وأنَّه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة ما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين، أو الخوف الذي فيه مصيبة عليهم أن يتثبتوا ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر بل يردونه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى أولي الأمر منهم، أهل الرأي والعلم والنصح والعقل والرزانة الذين يعرفون الأمور ويعرفون المصالح وضدها)).

طرق دحض الإشاعة:

1 – تذكير الناقل للإشاعة بالله وتحذيره من مَغَبَّة القول بلا علم.

2 – تذكير الناقل بالعاقبة المتحصلة إذا كانت الإشاعة كذباً.

3 – عدم التعجل في تقبل الإشاعة دون استفهام أو اعتراض.

4 – عدم ترديد الإشاعة؛ لأن في ذلك انتشار لها.

5 – اقتفاء سير الإشاعة وتتبع مسارها؛ للوصول إلى مُطلقيها ومحاسبتهم.

6 – إماتتها بالإعراض عنها، قال الإمام مسلم صاحب الصحيح: ((إذ الإعراض عن القول المطّرح أحرى لإماتته وإخمال ذكر قائله، وأجدر ألا يكون ذلك تنبيهاً للجُهَّال عليه)).

7 – محاولة الرد على الإشاعة في الصحف إذا كانت ناشئة من الصحف.

هذا وينبغي على الجميع حفظ الألسن عن اتهام البريء بما ليس فيه؛ لأن ذلك يؤدي إلى تلوث الذمم والأخلاق.

2 – التذكرة الثانية: حول قوله صلى الله عليه وسلم:

((… وكونوا عباد الله إخواناً، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يكذبه، ولا يحقره، والتقوى هاهنا – ويشير إلى صدره ثلاث مرات – بحسب امريء من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم الحرام: دمه وعرضه وماله)).

فهذا الحديث الشريف فيه القواعد العِظام التي تكون جامعة لقلوب المسلمين على الأُلفة والمودة.

قال مجاهد: ((بلغني أنَّه إذا تراءى المتحابان، فضحك أحدهما إلى الآخر وتصافحا تحاتت خطاياهما كما يُتحاتُّ الورق من الشجر، فقيل له: إن هذا ليسيرٌ من العمل، فقال: تقول يسيرٌ والله يقول: (لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).

والمسلم أخو المسلم يَكُفُّ عنه الضر، ويجلب إليه النفع.

والتقوى محلها القلب، وهي الميزان عنه الله تعالى، وإذا كان أصل التقوى في القلوب فلا يطلع على حقيقتها إلا الله عز وجل، وحينئذٍ فقد يكون كثير ممن له صورة حسنة، أو مال، أو جاه، أو رياسة في الدنيا، قلبه خراباً من التقوى، ويكون من ليس له شيء من ذلك مملوءً من التقوى، فيكون أكبر عند الله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير