خامساً: أن في الصدقة دواء للأمراض البدنية كما في قوله صلى الله عليه وسلم: ((داووا مرضاكم بالصدقة)) [صحيح الجامع]. يقول ابن شقيق: (سمعت ابن المبارك وسأله رجل: عن قرحةٍ خرجت في ركبته منذ سبع سنين، وقد عالجها بأنواع العلاج، وسأل الأطباء فلم ينتفع به، فقال: اذهب فأحفر بئراً في مكان حاجة إلى الماء، فإني أرجو أن ينبع هناك عين ويمسك عنك الدم، ففعل الرجل فبرأ)
[صحيح الترغيب].
سادساً: إن فيها دواء للأمراض القلبية كما في قوله صلى الله عليه وسلم لمن شكى إليه قسوة قلبه: ((إذا أردت أن يلين قلبك فأطعم المسكين، وامسح على رأس اليتيم)) [رواه أحمد].
سابعاً: أن الله يدفع بالصدقة أنواعاً من البلاء كما في وصية يحيى عليه السلام لبني إسرائيل: ((وآمركم بالصدقة، فإن مثل ذلك رجل أسره العدو فأوثقوا يده إلى عنقه، وقدموه ليضربوا عنقه فقال: أنا أفتدي منكم بالقليل والكثير، ففدى نفسه منهم)) [صحيح الجامع] فالصدقة لها تأثير عجيب في دفع أنواع البلاء، ولو كانت من فاسق أو ظالمٍ بل من كافر؛ فإنَّ الله تعالى يدفع بها أنواعاً من البلاء، وهذا أمر معلوم عند اناس خاصتهم وعامتهم، وأهل الأرض مقرون به لأنَّهم قد جربوه.
ثامناً: أن العبد إنما يصل حقيقة البر بالصدقة كما جاء في قوله تعالى: ((لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ)) [آل عمران: 92].
تاسعاً: أن المنفق يدعو له الملك كل يوم بخلاف الممسك وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً)) [رواه البخاري ومسلم].
عاشراً: أن صاحب الصدقة يبارك له في ماله كما أخبر النبي عن ذلك بقوله: ((ما نقص مال من صدقة)) [رواه مسلم].
الحادي عشر: أنه لا يبقى لصاحب المال من ماله إلا ما تصدق به كما في قوله تعالى: ((وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ)) [البقرة: 272]. ولما سأل النبيُّ صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها عن الشاة التي ذبحوها ما بقى منها قالت: ما بقى منها إلا كتفها. قال: ((بقي كلها غير كتفها)) [رواه مسلم].
الثاني عشر: أن الله يضاعف للمتصدق أجره كما في قوله عز وجل: ((إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ)) [الحديد: 18]. وقوله سبحانه:
((مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)) [البقرة: 245].
الثالث عشر: أن صاحبها يدعى من باب خاص من أبواب الجنة يقال له: باب الصدقة كما في حديث أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أنفق زوجين في سبيل الله نودي في الجنة: يا عبد الله، هذا خير: فمن كان من أهل الصلاة دُعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الريان)) قال أبو بكر: يا رسول الله، ما على من دُعي من تلك الأبواب من ضرورة؛ فهل يُدعى أحد من تلك الأبواب كلها، قال: ((نعم وأرجو أنْ تكون منهم)) [في الصحيحين].
الرابع عشر: أنها متى ما اجتمعت مع الصيام واتباع الجنازة وعيادة المريض في يوم واحد إلا أوجب ذلك لصاحبه الجنة كما في حديث أبي هريرة أنَّ رسول الله قال: ((من أصبح منكم اليوم صائماً؟)) قال أبو بكر: أنا. قال: ((فمن تبع منكم اليوم جنازة؟)) قال أبو بكر: أنا. قال: ((فمن عاد منكم اليوم مريضاً؟)) قال أبو بكر: أنا، فقال رسول الله: ((ما اجتمعت في امرىء إلا دخل الجنة)) [رواه مسلم].
¥