[التحدث عن المعاصي التي كانت قبل الهداية]
ـ[أحمدالفايدي]ــــــــ[23 - 06 - 04, 04:07 ص]ـ
فائدة (9): مسألة مهمة: أن الإنسان قد يمُنّ الله عليه بالهداية، ويكون قبل استقامته يفعل بعض المعاصي، فيتحدث بها بعد استقامته، فهل تحدُّثُهُ بها من باب التحدّث بنعم الله عليه أو لا؟
في الواقع إن هذه المسألة: تحدُّث الإنسان بما يفعله من المعاصي قبل أن يمُنّ الله عليه بالهداية تنقسم إلى أقسام:
أ/ أن يتحدّث الإنسان عن نفسه، فهذا أقسام:
1 - أن يتحدّث عنها مفاخرة، فهذا على خطر عظيم أن يقلب الله عز وجل قلبه وان يطمس عليه، وهو أيضاً من المجاهرة بالمعصية، ولهذا قال النبي?"كل أمتي مُعافى إلا المجاهرين، يعمل الرجل العمل بالليل ويصبح وقد ستره الله عليه، فيكشف ستر الله عز وجل".
2 - أن يتحدثّ بها لبيان مِنّة الله عز وجل عليه بالهداية، وهذا جائز وهو من التحدّث بنعمة الله، ولهذا قال عمرو بن العاص أنه كلن قبل أن يُسْلِم حريصاً على قتل النبي?،وكان عليه الصلاة والسلام من اشدّ الناس بالنسبة إليه بغضاً، فلما أسلم كان? لا يرفع طرْفُه حياءً من النبي? وإجلالاً له، حتى قال ? (لو قيل لي صِفْهُ، ما استطعت أن أصفه) مع أنه مع النبي? كل يوم، فعمرو بن العاص في هذا الحديث قوله: (قد كنت أشدّ الناس حرصاً على قتله، وقد كان أبغض الناس إليّ) ثمّ بعد ذلك تحدّث، فهذا الحديث بيان لنعمة الله تعالى عليه بالهداية.
3 - أن يتحدث بها لا لسبب، بل مجرّد خبر، بأن يقول: كنت أفعل كذا وكذا، فهذا لا له ولا عليه، لكن إذا خُشِيَ أن يتأسّى الناس به وأن يغترّوا بكلامه فإنه يُنهى عن ذلك. هذا بالنسبة لتحدّث الإنسان عن نفسه.
ب/ما يتحدّ أحد عن غيره بما كان يفعله، فهذا أيضاً أقسام: (هذا القسم الثاني للمسألة)
1 - أن يريد بذلك العيب والقدح، فهذا حرام؛ لأنه أدنى أحواله ان يكون غيبة.
2 - أن يتحدّث بها لبيان منّة الله تعالى عليه بالهداية، فهذا لا بأس به وهو جائز.
3 - أن يتحدّث بذلك على سبيل الدفاع عنه، كما لو سمع قائلاً يقول: إن فلان يشرب الخمر، ويفعل كذا وكذا قبل استقامته، فيقول المتحدّث: نعم. كان يفعل كذا وكذا لكن مَنَّ الله عليه بالهداية، فهذا جائز، بل هو واجب؛ لأنه من رَدَّ عرض المسلم، وفيه حفظ لعرض المسلم ومدافعة عنه.
4 - أن يتحدّث بها مجرّد خبر، لا بسبب من الأسباب، فهذا حرام، لأنّه من الغيبة.
هذه الفوائد والنكت العلمية، من شرح أحد مشايخنا-حفظهم الله تعالى، فو الله لا أستطيع أن أبوح باسمه؛ لأنني أجزم أنه لن يوافق على ذلك، لكن هذا من أقل القليل الذي نقدمه تجاه هذا الشيخ المبارك؛ ولأنه لا يوافق على نقل دروسه عبر الشبكة، فقلت: أنقلها هنا عبر هذا الملتقى المبارك نشراً للعلم والفائدة، وأنقلها على فترات، وأرجو من الإخوة في الملتقى أن يضيفوا أشياء لكي نستفيد منها. وجزاكم الله خيراً.