تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كان معنى اعتبروا قيسوا وسلمنا هذا لما علم أحد كيف يكون هذا القياس ولا على ماذا يقيس ولا على الشيء الذي يقيس ولااضطررنا في ذلك إلى بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذ لم يأت بذلك كله بيان كيف نعمل فبيقين ندري أن الله تعالى لم يكلفنا ما لا ندري كيف هو ولا ما هو ولا كلفنا البناء على أقوال مختلفة لا يقوم بشيء منها دليل فبطل أنها تفهم بهذه الآية بيقين وصح أنه لم يرد تعالى قط بها القياس بيقين لا شك فيه وبالله تعالى التوفيق.

وأما جزاء الصيد فلا مدخل فيه للقياس أصلا لأنه إنما أمر الله تعالى من قتل صيدا متعمدا وهو حرام أن يجزيه بمثله من النعم لا بالصيد فقد شهدت الآية بإبطال القياس وأما كذلك الخروج فإبطال للقياس بلا شك لأن إخراج الموتى مرة في الأبد يثمر خلودا في النار أو الجنة وإخراج النبات من الأرض يكون كل عام ثم يبطل وكل ما ذكروا من هذا وغيره لا يجوز أن يؤخذ منه تحريم بيع التين بالتين متفاضلا وإلى أجل

وبرهان قاطع في كل ما يوهمون به من القرآن والحديث وهو أن قولنا هو أن الحق في الدين إنما هو فيما جاء به القرآن وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قالوا هم بالقياس وأبطلناه نحن وكل آية أتونا بها وكل حديث ذكروه فكل ذلك حق وكل ما أرادوا هم أن يضيفوه إليه فهو باطل ولم يزيدونا على أكثر من أن كرروا لنا قولهم بالقياس فقط وفي هذا نازعناهم ولا يجوز أن يحتجوا لقولهم بقولهم وإنما كان يكون لهم حجة في هذه الأخبار لو كان في شيء منها قيسوا ما أشبه النص على النص الذي يشبهه فان لم يجدوا هذا ولا سبيل إلى وجوده أبدا فلا حجة لهم في شيء من القرآن والأخبار لما ذكرنا من أن القرآن والأخبار لما ذكرنا من أن القرآن كله وصحيح الحديث حق وأما ما يريدون هم أضافته إلى ذلك فهو باطل وعنه طالبناهم بالدليل الذي لا يجدونه وبالله تعالى التوفيق.

ومن البراهين في إبطال القياس قوله تعالى: (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا) وقال تعالى: (ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون) وقال تعالى: (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون)

فحرم الله تعالى أن نقول عليه ما لا نعلم وما لم يعلمنا فلما لم نجد الله أر بالقياس ولا علمنا إياه علمنا أنه باطل لا يحل القول به في الدين

وأيضا فإنه يقال في أي شيء يحتاج إلى القياس أفي ما جاء به النص والحكم من الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم أم فيما لم يأت به نص ولا حكم من الله تعالى ولا من رسوله عليه السلام ولا سبيل إلى ثالث

فان قالوا فيما جاء به النص علم انه باطل لأنه لو كان كذلك لكان الواجب تحريم ما أحل الله تعالى بالقياس وتحليل ما حرم الله تعالى وإيجاب ما لم يوجبه الله تعالى وإسقاط ما أوجبه الله عز وجل

وان قالوا بل فيما لا نص فيه قلنا قد ذم الله تعالى هذا وكذب قائله فأما ذمه ذلك ففي قوله عز وجل: (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) وأما تكذيبه تعالى من قال ذلك ففي قوله تعالى: (ما فرطنا في الكتاب من شيء) و (تبيانا لكل شيء) و (لتبين للناس ما نزل إليهم) و (اليوم أكملت لكم دينكم) فصح يقينا بطلان القياس.

وأيضا فان القياس عند أهله إنما هو أن تحكم لشيء بالحكم في مثله لاتفاقهما في العلة الموجبة للحكم أو لمشبهه به في بعض صفاته في قول بعضهم فيقال لهم أخبرونا عن هذه العلة التي ادعيتموها وجعلتموها علة بالتحريم أو بالتحليل أو بالإيجاب من أخبركم بأنها علة الحكم ومن جعلها علة الحكم

فان قالوا أن الله تعالى جعلها علة الحكم كذبوا على الله عز وجل إلا أن يأتوا بنص منه تعالى في القرآن أو على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها علة الحكم وهذا مالا يجدونه

فان قالوا نحن شرعناها فقد شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله تعالى وهذا حرام بنص القرآن

وان قالوا قلنا أنها علة لغالب الظن وهذا هو قولهم قلنا لهم فعلتم ما حرم الله تعالى عليكم إذ يقول (إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا) وإذ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إياكم والظن فان الظن اكذب الحديث "

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير