تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

جاءت السنة النبوية بتفسير تكون جنس الجنين، وللعلماء المتقدمين والمعاصرين تفسيرات حولها. والأحاديث أشهرها ما يلي:

1 - حديث ثوبان: "أن يهودياً جاء يسأل النبي صلى الله عليه وسلم قال: جئت أسألك عن الولد؟ قال: ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر فإذا اجتمعا فعلا مني الرجل مني المرأة أذكرا بإذن الله، وإذا علا مني المرأة مني الرجل آنثا بإذن الله، قال اليهودي: لقد صدقت وإنك لنبي" (3).

2 - حديث أم سليم ولفظه: "أن ماء الرجل غليظ أبيض وماء المرأة رقيق أصفر فمن علا أو سبق يكون منه الشبه" (4).

3 - حديث عبد الله بن سلام ولفظه: "وأما الشبه في الولد فإن الرجل إذا غشي المرأة فسبقها ماؤه كان الشبه به، وإذا سبق ماؤها كان الشبه لها" (1).

4 - حديث عائشة بلفظ: "وهل يكون الشبه إلا من قِبَلِ ذلك، إذا علا ماؤها ماء الرجل أشبه الولد أخواله، وإذا علا ماء الرجل ماءها أشبه أعمامه" (2).

فهذه الأحاديث تبين سبب الشبه لأحد الأبوين وسبب الإذكار والإيناث صادرة من مشكاة النبوة. ولكن يحتاج إلى فهم دلالتها اللغوية ثم بيان التفسيرات لها وهي تدور حول لفظين: (العلو – السبق) وهذا أصل معناها في اللغة:

قال ابن فارس: "علو: العين واللام والحرف المعتل ياء كان أو واواً أو ألفاً أصل واحد يدل على السمو والارتفاع لا يشذ عنه شيء" (3).

أما السبق فقال: "سبق: السين والباء والقاف أصل واحد صحيح يدل على التقدم" (4).

ولنسوق توجهيات المتقدمين للأحاديث:

أولاً: ذهب ابن القيم في تفسير السبق والعلو إلى إن سبق أحد المائيين سبب لشبه السابق ماؤه، وعلو أحدهما سبب لمجانسة الولد العالي ماؤه.

فهنا أمران: سبق وعلو، وقد يتفقان وقد يفترقان، فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة وعلاه، كان الولد ذكراً أشبه بالرجل، وإن سبق ماء المرأ ة وعلا ماء الرجل كانت أنثى والشبه للأم، وإن سبق أحدهما وعلا الآخر كان الشبه للسابق ماؤه والإذكار والإيناث لمن علا ماؤه (1).

ثانياً: وحكى النووي أن العلو والسبق بمعنى واحد فتكون اللفظتان معناهما واحد، وقيل: أن المراد بالعلو الكثرة والقوة، أي بحسب كثرة الشهوة فإن كانت للرجل أذكر بإذن الله وإن كانت المرأة أكثر شهوة آنث بإذن الله (2).

ثالثاً: ذهب ابن حجر إلى تأويل العلو الوارد في حديث عائشة بالسبق لأن كل من سبق علا شأنه فهو علو معنوي وهو يؤثر بالشبه بالأخوال والأعمام، أما حديث ثوبان تأثير العلو فيه بالتذكير والتأنيث قال ابن حجر: "والذي يظهر ما قدمته وهو تأويل العلو في حديث عائشة، وأما حديث ثوبان فيبقى العلو فيه على ظاهره فيكون السبق علامة التذكير والتأنيث، والعلو علامة الشبه فيرتفع الإشكال، وكأن المراد بالعلو الذي يكون سبب الشبه بحسب الكثرة بحيث يصير الآخر مغموراً فيه، فبذلك يحصل الشبه، وينقسم ذلك إلى ستة أقسام:

الأول: أن يسبق ماء الرجل ويكون أكثر فيحصل له الذكورة والشبه، الثاني: عكسه، والثالث: أن يسبق ماء الرجل ويكون ماء المرأة أكثر، فتحصل الذكورة والشبه للمرأة، والرابع: عكسه، والخامس: أن يسبق ماء الرجل ويستويان فيذكر ولا يختص بشبه، والسادس: عكسه" (3).

وهذه اجتهادات من علماء السلف تحتاج إلى مزيد من الدراسة والبحث وعرضها على نتائج البحوث المعاصرة حيث تهيأ في هذا الزمان من الوسائل والأجهزة ما لم يكن في الماضي، ويكفي أنهم وضعوا لبنات في توجيه الأحاديث وأصاب عدد منهم كبد الحقيقة كما سيأتي. وقد بينت بشيء من التفصيل الطرق المساعدة التي يرى الأطباء أنها ترجح جنس المولود في كتابي "اختيار جنس الجنين" دراسة فقهية طبية طبع ونشر دار الأسدي بمكة المكرمة.

أما المعاصرون فقد فسروا الحديث بعدة تفسيرات، ومن أبرزها:

الأول: إذا علا مني الرجل مني المرأة: أي جاء فوقه. وبالطبع لا يأتي شيء فوق شيء إلا إذا كان هذا الشيء موجوداً قبل، وهذا يعني أن المرأة تصل إلى ذروتها فيأتي سائله المنوي بعد إفرازات المرأة ويأتي فوقه، وفي هذه الحالة يأتي المولود ذكراً بإذن الله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير