[مسألة النيكوتين]
ـ[أبو المسور المصري]ــــــــ[29 - 06 - 04, 04:09 ص]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد
فهذا بحث موجز حول نجاسة النيكوتين، مأخوذ من محاضرات الشيخ الدكتور محمد عبد المقصود حفظه الله في شرح مذكرة أصول الفقه، للشيخ الشنقيطي رحمه الله، أسأل أن ينفع به، والله من وراء القصد
مسالة النيكوتين، والرد على من قال بنجاسته، أو نقضه للوضوء، مع التسليم بحرمة التدخين:
أولا: الأصل في الأعيان، الطهارة، حتى يرد الدليل الناقل عنها، وهنا لا دليل، فالحجة هنا عدم الحجة، لأن القول بنجاسة عين من الأعيان لابد له من مستند شرعي.
ثانيا: ولو سلمنا للمخالف، بنجاسة النيكوتين، فإن ابتلاع النجس، لا ينقض الوضوء.
ويتفرع على هذه المسألة، مناقشة، من قال بأن التبغ يغمس في الكحول، فترة طويلة، حتى يبقى مشتعلا بعد إيقاد السيجارة، والكحول نجس، وعليه فالتبغ قد تنجس بملاقاته للكحول، حيث قال الشيخ حفظه الله، بأن العلماء انقسموا في مسألة نجاسة الكحول إلى فريقين:
الفريق الأول: قال بنجاسته حكما، وهذا مذهب الشافعي رحمه الله، وإحدى الروايتين عن أحمد رحمه الله.
الفريق الثاني: قال بطهارته، وهذا مذهب أبي حنيفة رحمه الله، وأهل الظاهر، والرواية الثانية عن أحمد رحمه الله، وهي التي نصرها شيخ الإسلام رحمه الله، وعليه فإنه يمكن أن يحتج على من قال بنجاسة الكحول بأحد أمرين:
أولا: مذهب أبي حنيفة وأهل الظاهر والرواية الثانية عن أحمد، كما سبق.
ثانيا: إن سلمنا بنجاسة الكحول، ونجاسة التبغ الملاقي له، فإن هذا إنما يكون في حالة عدم الإشتعال، وأما إذا اشتعل، فقد استحال إلى دخان، والإستحالة مطهرة للأعيان النجسة، وممن نص على ذلك، ابن حزم رحمه الله في المحلى، حيث قال: (وإذا أحرقت العذرة، أو الميتة، أو تغيرت فصارت رمادا، أو ترابا فكل ذلك طاهر).
ورغم حصول الخلاف في مسألة الإستحالة، حيث نص الشافعي رحمه الله، وأحمد رحمه الله في رواية له، على أن الدخان المنبعث من حرق العين النجسة، نجس، إلا أن الشيخ محمد حفظه الله، رجح الرأي الثاني، وهو عدم نجاسة هذا الدخان، لأن الشرع إذا حكم بنجاسة جرم معين، فإن هذا الجرم قد استحال إلى جرم آخر لم يحكم عليه الشرع بالنجاسة، وهذا مذهب أبي حنيفة وأهل الظاهر والرواية الثانية عن أحمد، وقد نصر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله هذا الرأي في الشرح الممتع، والله أعلم.