تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الموقف الصحيح من زلة العالم]

ـ[العوضي]ــــــــ[04 - 07 - 04, 01:41 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد

فهذا موضوع هام بعنوان الموقف الصحيح من زلة العالم

من المعلوم شرعاً أنه لا معصوم من الخطأ إلا من عصمه الله عزوجل من عباده الأنبياء والرسل عليهم السلام فيما يبلغونه من رسالات ربهم فإن كل أحد يؤخذ من قوله ويرد عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال الإمامان الجليلان مجاهد ومالك رحمهما الله:" ليس أحد من خلق الله يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم "

فكل إنسان غير المستثنين المذكورين مهما بلغ من ذروة الكمال والفضل والعلم هو عرضة للخطأ والنسيان وصدور الخطأ من بني آدم شيء محتوم لا ينكر قال الإمام الشاطبي رحمه الله بعد تقريره عصمة النبي صلى الله عليه وسلم:" وأما أمته فكل واحد منهم غير معصوم بل يجوز عليه الغلط والخطأ والنسيان فإمكان الخطأ والوهم باق ... "

وليس من شروط العالم أن لا يخطئ وما أحسن كلام الإمام الذهبي وأعدله في ترجمة الإمام أبي حامد الغزالي:" وما من شرط العالم أنه لا يخطئ "

وبعد أن ذكر الذهبي نماذج متنوعة من هفوات الغزالي وبعض ردود العلماء عليه قال: " ما زال الأئمة يخالف بعضهم بعضاً ويرد هذا على هذا ولسنا ممن يذم العالم بالهوى والجهل ". وقال رحمه الله في آخر ترجمته بعد أن ذكر ما له وما عليه:" فرحم الله الإمام أبا حامد فأين مثله في علومه وفضائله ولكن لا ندعي عصمته من الغلط والخطأ ولا تقليد في الأصول ".

قال الأمير العلامة الصنعاني رحمه الله:" وليس أحد من أفراد العلماء إلا وله نادرة ينبغي أن تغمر في جنب فضله وتجتنب ".

كم نرى في تاريخنا الإسلامي من هفوات لسان وزلات قدم وشذوذ قلم ظهرت من أساطين العلم وعمداء الفضل والأدب؟ وكما قيل: لكل عالم هفوة ولكل جواد كبوة وظهور الخطأ ليس عيباً وإنما العيب كل العيب الإقرار على الخطأ والدعوة إليه بعد ظهور خطورته وعدم الرجوع عنه فالتعلق بزلة عالم أو تمسك بهفوة عابد أو أخذ بغفلة صالح ليس من منهج الإسلام الصحيح ولا من طريقة أهل السنة والجماعة فالموقف الصحيح من زلة العالم هو: أنه يجب التحذير منها بكل أدب وإنصاف لئلا تكون سبباً من أسباب وقوع الناس في الغلط والهوى ولا يجوز الأخذ بها فضلاً عن نشرها وترويجها تقليداً لصاحبها وتعصباً له، ولا يصح الاعتماد عليها كما أنه ينبغي أن ينسب صاحبها إن كان من أهل الحق والاجتهاد المخلص الجاد إلى التقصير ولا أن يشنع عليه بها ولا يتنقص من أجلها.

أما المخطئ في بعض المسائل المعروف بمنهجه وسلوكه الحميد وعلمه الشرعي فإن خطئه لا يحط من شأنه ولا ينقص من قدره فإن كان حياً يرزق فيجب تنبيهه على خطئه بالأسلوب الحكيم المتعارف عليه بين العلماء المبني على التعاون على البر والتقوى لأن الدين النصيحة فتقدم النصيحة لطالب العلم بحسب مقامه بأدب واحترام وبيان للحق بدليله من غير عنف ولا تعال بل بالحكمة والموعظة الحسنة حتى تؤدي النصيحة غرضها فتبقى الكلمة واحدة والمحبة والأخوة في الله باقية فإنما المؤمنون أخوة.

وإن كان المخطئ قد أفضى إلى ربه فيدعى له لأن العصمة للأنبياء وحدهم ويبين للناس خطأهم حتى لا يتبعونهم في ذلك الخطأ.

وينبغي أن يكون هذا التحذير من باب التنبيه والنصح والحب لصيانة العلم من كل شوب وخلل لا من باب التجديع والفضيحة والتشنيع ولا نيلاً من مكانة العلماء ولا إبداء لشخصية ناقدة ولا ادعاء لأهلية الرد والرفض فكم من راد على أئمة الهدى وأهل التقى وخيرة الورى ليس الرد من صنعته وليس النقد من حرفته.

وقد تتابعت أقوال العلماء في الاعتذار عن أهل العلم فيما بدر منهم في بحر علمهم وفضلهم وأن ما يصدر من العالم من هنات وزلات لا تكون مانعة للاستفادة من علمه وفضله ولا سبباً للطعن والهجوم عليه ومن ذلك:

1/ قال الإمام عبدالله بن المبارك رحمه الله:" رب رجل في الإسلام له قدم حسن وآثار صالحة كانت منه الهفوة والزلة لا يقتدى به في هفوته وزلته ".

2/ ولشيخ الإسلام جهود مشكورة في توضيح هذا الموضوع وتبيين هذه القضية حيث أتى بعبارات عادلة وأقوال منصفة ومواقف علمية في هذا الشأن فلنذكر بعضاً من كلامه رحمه الله:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير