2 - أخبر الله تعالى بنص القرآن الكريم أن إبليس من الجن قال تعالى: " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه "
فالآية صريحة الدلالة على أن إبليس من الجن فلا يجوز أن ينسب إلى غير ما نسبه الله إليه.
3 - أخبر الله تعالى عن الملائكة بأنهم معصومون ووصفهم بأنهم ((لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون "
وأنهم " لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون "
ففي هذه الآيات نفى الله تعالى عن الملائكة المعصية نفياً تاماً أما إبليس فإنه خالف أمر الله تعالى وعصى وامتنع عن السجود لآدم عليه السلام فدل ذلك على أن إبليس ليس من الملائكة.
4 - أن الملائكة لا ذرية لهم لأن الذرية إنما تحصل من الذكر والأنثى وقد نفى الله عن الملائكة أن يكونوا إناثاً كما قال تعالى: " وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون " فهذه الآية وصفت الملائكة بأنهم عباد الله ليسوا ذكور وليسو إناث بل هم عباد الله وبتالي لا ذرية لهم.
أما إبليس فإن له ذرية بدليل قوله تعالى: " أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني "
فهذا صريح في إثبات الذرية له.
5 - أن الملائكة رسل قال تعالى: " الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلاً "
ورسل اللع نعصومون لقوله تعالى: " الله أعلم حيث يجعل رسالته "
فلما لم يكن إبليس كذلك وجب ألا يكون من الملائكة.
والله تعالى أعلم
حقيقة سجود الملائكة لآدم عليه السلام
لا شك أن سجود الملائكة لآدم ليس سجود عبادة لأن سجود العبادة لغير الله شرك بالله تعالى.
واختلف في حقيقة ذلك السجود على ثلاثة أقوال:
الأول:
أنه سجود تحية وسلام وإكرام وتعظيم.
الثاني:
أن السجود كان لله تعالى وآدم مجرد قبلة قالته المعتزلة وغيرهم.
الثالث:
أن المراد بذلك السجود هو الانقياد والخضوع لا حقيقة السجود والانحناء.
الراجح:
الأول: وهو أن السجدة كانت لآدم عليه السلام تعظيماً له وتحية كالسلام منهم عليه.
قال أبو جعفر الطبري: وكان سجود الملائكة لآدم تكرمة وطاعة لله لا عبادة لآدم.
وقال ابن تيمية: فسجود الملائكة لآدم عبادة لله وطاعة له وقربة يتقربون بها إليه وهو لآدم تشريف وتكريم وتعظيم وسجود إخوة يوسف له تحية وسلام ألا ترى أن يوسف لو سجد لأبويه تحية لم يكره له.
فسجود الملائكة لآدم كان سجود تشريف وتكريم لا سجود عبادة وقد كان السجود تحية مشروعة في الأمم الماضية ولكنه نسخ في ملتنا كما قال تعالى: (ورفع أبويه على العرش وخروا له سجداً وقال يا أبت هذا تأويل رءياي من قبل قد جعلها ربي حقاً).
فكانت تحية الناس يومئذ سجود بعضهم لبعض.
امتناع إبليس عن الامتثال لأمر الله تعالى بالسجود لآدم عليه السلام:
سبب امتناعه:
ورد في آيات من كتاب الله تعالى أنه سبحانه أمر الملائكة بالسجود لآدم عليه السلام وكان هذا الأمر قبل أن يسوي الله خلقه وينفخ فيه من روحه.
بدليل قوله تعالى: " إني خالق بشراً من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ".
امتثل الملائكة لأمر الله تعالى بالسجود لآدم عليه السلام إلا إبليس فإنه أبى وامتنع عن السجود وكانت شبهته وحجته في ذلك أنه خير من آدم لأنه خلق من نار وآدم خلق من طين.
قال تعالى " ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ".
قال ابن كثير: وقول إبليس لعنه الله (أنا خير منه) من العذر الذي هو أكبر من الذنب، يعني لعنه الله وأنا خير منه فكيف تأمرني بالسجود له ثم بين أنه خير منه بأنه خلق من نار والنار أشرف مما خلقته منه وهو الطين فنظر اللعين إلى أصل العنصر ولم ينظر إلى التشريف العظيم وهو أن الله تعالى خلق آدم بيده ونفخ فيه من روحه.
وقال عبد الرحمن بن سعدي: امتنع عن السجود واستكبر عن أمر الله ... إباء منه واستكباراً نتيجة الكفر الذي هو منطو عليه فتبينت حينئذ عداوته لله ولآدم وكفره واستكباره أبى أن يسجد له تكبراً عليه وإعجاباً بنفسه فوبخه الله على ذلك وقال: " ما منعك ألا تسجد لما خلقت بيدي ".
¥