وظاهر النصوص الشرعية أن إبليس خاطب آدم وزوجه مباشرة حتى أزلهما كما هو ظاهر النص وذلك الدخول ليس إكراماً لإبليس بل على وجه الإهانة وبيان فساد إبليس وحرصه على إغواء آدم عليه السلام وذريته.
والمسائل الغيبية يوقف بها عند النص كما هو معلوم
أما الأخبار الإسرائيلية فما وافق شرعنا ففي شرعنا الكفاية عنه
وما خالفه رد ولم يقبل
وما لم يرد في شرعنا ما يوافقه أو يخالفه توقفنا فيه فلا نصدقه ولا نكذبه
وحسبنا ما جاء في شرعنا.
عرش إبليس:
ثبت في الصحيح أن عرش إبليس ومركزه على البحر وأنه يرسل جنوده وسراياه لإضلال بني آدم فعن جابر قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة حتى يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا فيقول ما صنعت شيئاً قال ثم يجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته قال قيدنيه منه ويقول نعم أنت " قال الأعمش - أحد رواة الحديث - أراه قال فيلتزمه.
وإبليس له خبرة طويلة في مجال الإضلال ولذلك فإنه يجيد وضع خططه ونصب مصائده وأحابيله فهو لم يزل حياً يضل الناس منذ وجد الإنسان إلى اليوم وإلى أن تقوم الساعة.
قال تعالى: " قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم "
إنظار إبليس ثم موته وحكم ذلك:
لما امتنع عدو الله إبليس عن الامتثال لأمر الله تعالى بالسجود لآدم عليه السلام وأبى واستكبر أهبطه الله وجعله من الصاغرين وسأل الله النظرة والإمهال ليتمكن من إغواء من يقدر عليه من بني آدم.
قال تعالى: " قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين قال أنظرني إلى يوم يبعثون "
فهو طلب من الله أن يؤخره فلا يموت إلى يوم أن يبعث الله الخلق من قبورهم ويحشرهم لموقف يوم القيامة.
وقال بعض العلماء: إن إبليس أراد بسؤاله الإنظار إلى يوم يبعثون الأ يموت لأن يوم البعث لا موت فيه ولا بعده.
ولما كانت حكمة الله مقتضية لابتلاء العباد واختبارهم ليتبين الصادق من الكاذب ومن يطيعه ومن يطيع عدوه أجابه لما سأله.
قال تعالى: " قال إنك من المنظرين " والغاية التي أنظره إليها جاءت في قوله تعالى: " قال فإنك من المنظرين إلى يومالوقت المعلوم ".
وأكثر العلماء على أن المراد بالوقت المعلوم أي يوم الوقت المعلوم لهلاك جميع الخلق وذلك حين لا يبقى على الأرض من بني آدم ديار.
وقال بعض المفسرين: المراد بالوقت المعلوم البعث وهو نفخة الصور الثانية.
وقيل الوقت المعلوم الذي استأثر الله بعلمه ويجهله إبليس فيموت إبليس ثم يبعث لقوله تعالى: " كل من عليها فان ".
كيف يعذب إبليس بالنار وهو مخلوق منها؟
وهذه شبهة وملخصها هي أن الله قضى بأن جزاء إبليس نار جهنم يعذب فيها هو ومن تبعه من شياطين الإنس والجن فكيف يعذب إبليس بالنار وهو مخلوق منها؟ وكيف يعذب كفرة الجن بالنار وأصلهم منها؟ وكيف ترمى الشياطين بالشهب؟
الجواب على هذه الشبهة:
1 - أنه ثبت بالنصوص الشرعية أن إبليس خلق من نار وثبت أنه يعذب في النار بدليل قوله تعالى: " لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين "
وقال تعالى: " قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفوراً "
فيجب الإيمان والوقوف مع النص ولا اجتهاد معه.
2 - أن الله سبحانه وتعالى أخبر في القرآن الكريم أنه خلق الإنسان من صلصال من حمأ مسنون.
قال تعالى: " ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون "
والمراد أم أصل الإنسان كان طيناً وليس الآدمي طيناً حقيقة وكذلك إبليس والجن والشياطين كانوا ناراً في أصل الخلقة وليسوا ناراً بعد ذلك.
3 - ما رواه أبو الدرداء قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعناه يقول: " أعوذ بالله منك " ثم قال:" ألعنك بلعنة الله ثلاثاً " وبسط يده كأنه يتناول شيئاً فلما فرغ من الصلاة قلنا يا رسول الله قد سمعناك تقول في الصلاة شيئاً لم نسمعك تقوله قبل ذلك ورأيناك بسطت يدك. قال:" إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي فقلت أعوذ بالله منك ثلاث مرات ثم قلت ألعنك بلعنة الله التامة فلم يستأخر ثلاث مرات ثم أردت أخذه والله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقاً يلعب به ولدان أهل المدينة ".
¥