تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

5 - لا يغيب عن بال المناقش للشبهات أنه كما يلزمه الدليل على رأيه، فإنه يلزم مخالفه أن يقيم الدليل على رأيه أيضا، فليكن اجتهادك غير منحصر في إقامة الدليل على رأيك فقط، ولكن يشمل مطالبة مخالفك بالأدلة الصحيحة على رأيه أيضا، وذلك لوزن أدلة القولين بميزانٍ عدلٍ، ليظهر الحق من الباطل، والحق لا يضره البحث والتحقيق، بل ذلك من صالحه 0 ومما لوحظ أن بعض من يردّ يجهد نفسه في دحض شبهة قدمها مخالفه دون دليل على ذلك، وفي هذا تعبير عن الانطلاق من روح دفاعية قد تنطوي على استشعار شيء من الهزيمة0

6 - ‘‘ التخلية قبل التحلية ’’ - كما يقولون- فما لم تفند ما عند المخالف من أوهام يظنها حججا، فلا تطمع كثيرا في إقناعه بما لديك من حق تدعوه إليه وتجادله في إقناعه، لأنه مالم تخط معه تلك الخطوة فمهما اجتهدت في بيان أدلتك علىصواب ما تدعوه، أو على أنه الحق، فقد لا يتوصل بذلك إلى بطلان ما عنده؛ لكن ليس من اللازم أن تسلك معه هذا المسلك ابتداء، بل لعل من المناسب أو الواجب في بعض الأحيان أن تتجنب ذلك؛ لأن النفوس مجبولة على النفرة ممن يجرحها ويقابلها لأول وهلة بالتخطئة والنقد، فينبغي للداعي للحق والمجادِل عنه أن يقدم لذلك بمقدمة حسنة، والله الموفق0

7 - تفنيد دليل واحد من أدلتك أو إبطاله من جانب المخالف لا يعني أنه هو المنتصر، وأن رأيه هو الراجح لأن ذلك لا يكفي حتى يسري البُطْلان على سائر أدلتك، لأن الحجة في مجموع تلك الأدلة، بل من الخير لك أن لا تتمسك بالدليل الضعيف، فإنك بهذا تضعف الثقة بدليلك القوي 0 فلا يفت في عضدك أن يفند دليل من ادلتك فإن هذا قد يضعف ثقة المرء ببقية أدلته - ولو من طرف خفي - وإنما عليك أن تشمل الأدلة كلها بنظرك فليست الحجة منحصرة في ذلك الدليل فقط0

هذه قواعد وضوابط عامة للحوار ومناظرة المخالف ومن ضمنهم الشيعي- أما تفصيلات مناظرة الشيعي فلعل ما مضى من بيان معتقد الشيعة والرد عليه فيه الكفاية 0

وهنا يحسن بنا إيراد مثال لنصور مناظرة الشيعي وكيفيتها:

سب الصحابة: تتفق أنت والشيعي على مرجع أو أصل يرجع إليه وهو القرآن الكريم 0 فإن قال هو محرف كفر بقوله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وهنا تنتهي المناظرة،، وإن أقر واعترف بصحة القرآن وأنه هو المرجع بينكما، تليت عليه بعض الآيات التي أنزلها الله تعالى ثناء على الصحابة ومنه قوله تعالى: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه) [التوبة/10] وقوله تعالى: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم) [الفتح/29] ثم تقول له هذه أنزلها الله مثنيا بها على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وشاهدا لهم بأنهم صادقون، ومخبرا بأن لهم الجنة وقد أقررت بأنها آيات الله فيلزمك ترك الطعن عليهم والقدح فيهم لأنك إن فعلت ذلك كنت مكذبا بما تضمنته هذه الآيات وتكذيب آيات الله كفر فما تقول؟ فإن قال: إن هذه الآيات لا تشملهم، قلنا: يدفع ذلك قوله تعالى: (وكلا وعد الله الحسنى) ولو سلمنا له ذلك نقول إن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث بقي ثلاثا وعشرين سنة معهم وترك فيهم آيات عامة وخاصة وأحاديث هل هذه الأحاديث عامة أو خاصة؟ فإن قال: إنها عامة للجميع وجب عليه أن يعتقد نزاهتهم عما يعتقده فيهم ويأول كل ما وقع بينهم من الاختلاف ويحمله على الاجتهاد وطلب الحق وأن المصيب منهم له أجران والمخطئ له أجر واحد كما جاء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وأن يعتقد أنهم لا يجتمعون على ضلالة كما ثبت، وإن لم يفعل ذلك كان مكذبا بالآيات والأحاديث التي جاءت بذلك، وإن قال إنها في بعض منهم والسابقون فسقة مرتدون000 يسأل عن هذا البعض هل هم معروفون بأسمائهم وألقابهم أم لا؟ وهل هم كثيرون أم قليلون؟ وهل منهم الخلفاء الأربعة؟ فإن قال إنهم كثيرون وأن هؤلاء المذكورين داخلون فيهم وجب عليه أن يعتقد نزاهتهم كما تقدم، وإن قال لا إنهم قليلون - خمسة أو ستة كما اشتهر عن الرافضة- يُسأل فيقال له ما فعل الباقون؟ فإن قال إنهم ارتدوا أو فسقوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم فقل له إن الله تعالى قال في حق الأمة: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) 000 الآية فكيف يقول عاقل بأنهم خير أمة ثم يرتدون بعد وفاته وهم نحو مائة وعشرين ألفا، ولم يبق منهم على الإسلام إلا خمسة أو ستة فإن ذلك يقتضي أنهم أخبث أمة، وقد أثنى الله عليهم ورسوله وسمى كثيرا منهم بأسمائهم وحذر الأمة من سبهم أفيكون كذبا منه وحاشاه فهو معصوم، فإن صمم على اعتقاده ولم يَنْقَدْ لهذا الإلزام فلا تجري معه المناظرة لأنه متبع لهواه غير راغب في الحق فإن الذي يعتقد ارتداد الصحابة إلا نفر قليل يلزم منه إبطال الشريعة لأنهم هم النقلة، وهذه المناظرة لإقامة الحجة عليه ودرء شره إن كان لبس على أحد من السنة؛ أما مناقشتهم في معتقدهم فتكون من كتبهم أجدى ثم بيان الحق من الكتاب والسنة 0

مثال آخر: حوار بين الإمام مالك ومبغض للصحابة:

جاء رجل إلى مالك فقال له: إني أبغض فلانا وفلانا من الصحابة فقال له مالك: قال الله تعالى (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون) فقال مالك للرجل: أأنت من هؤلاء؟ فقال الرجل: لا، ثم تلا مالك الآية التي بعدها (والذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) - الآية تعني الأنصار- فقال مالك: أأنت من هؤلاء؟ قال لا 0 ثم تلا مالك الآية التي تليها: (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا) [الحشر/10]، ثم قال مالك أأنت من هؤلاء؟ فقال الرجل: أرجوا، ذلك فقال مالك: ليس من هؤلاء، من سب هؤلاء ...

وانظر إلى مزيد من المناظرات مع الشيعة مؤتمر النجف في آخر كتاب الخطوط العريضة لمحب الدين الخطيب الذي انتهى بتسليم علماء الشيعة لعلماء السنة 0

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير