تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَالْعِلْمُ الْمَمْدُوحُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ هُوَ الْعِلْمُ الَّذِي وَرِثَتْهُ الْأَنْبِيَاءُ. كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {إنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ ; إنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِرْهَمًا وَلَا دِينَارًا وَإِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ؛ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظِّ وَافِرٍ}.

وَهَذَا الْعِلْمُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:

(عِلْمٌ بِاَللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ،) وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ، وَفِي مِثْلِهِ أَنْزَلَ اللَّهُ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ، وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ، وَنَحْوَهُمَا.

وَ (الْقِسْمُ الثَّانِي): (الْعِلْمُ بِمَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ مِمَّا كَانَ مِنْ الْأُمُورِ الْمَاضِيَةِ، وَمَا يَكُونُ مِنْ الْأُمُورِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، وَمَا هُوَ كَائِنُ الْأُمُورِ الْحَاضِرَةِ)، وَفِي مِثْلِ هَذَا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَاتِ الْقَصَصِ،

وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، وَصِفَةَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَ (الْقِسْمُ الثَّالِثُ): (الْعِلْمُ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ الْأُمُورِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْقُلُوبِ وَالْجَوَارِحِ مِنْ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ) مِنْ: مَعَارِفِ الْقُلُوبِ، وَأَحْوَالِهَا، وَأَقْوَالِ الْجَوَارِحِ وَأَعْمَالِهَا،

وَهَذَا الْعِلْمُ يَنْدَرِجُ

فِيهِ: الْعِلْمُ بِأُصُولِ الْإِيمَانِ، وَقَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ، وَيَنْدَرِجُ فِيهِ: الْعِلْمُ بِالْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ،

وَهَذَا الْعِلْمُ يَنْدَرِجُ فِيهِ: مَا وُجِدَ فِي كُتُبِ الْفُقَهَاءِ مِنْ الْعِلْمِ بِأَحْكَامِ الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ جُزْءٌ

مِنْ جُزْءٍ مِنْ جُزْءٍ مِنْ عِلْمِ الدِّينِ، كَمَا أَنَّ الْمُكَاشَفَاتِ الَّتِي يَكُونُ لِأَهْلِ الصَّفَا جُزْءٌ مِنْ جُزْءٍ مِنْ جُزْءٍ مِنْ عِلْمِ الْأُمُورِ الْكَوْنِيَّةِ.

وَالنَّاسُ إنَّمَا يَغْلَطُونَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ ; لِأَنَّهُمْ يَفْهَمُونَ مُسَمَّيَاتِ الْأَسْمَاءِ الْوَارِدَةِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلَا يَعْرِفُونَ حَقَائِقَ الْأُمُورِ الْمَوْجُودَةِ، فَرُبَّ رَجُلٍ يَحْفَظُ حُرُوفَ الْعِلْمِ الَّتِي أَعْظَمُهَا حِفْظُ حُرُوفِ الْقُرْآنِ، وَلَا يَكُونُ لَهُ مِنْ الْفَهْمِ ; بَلْ وَلَا مِنْ الْإِيمَانِ مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ عَلَى مَنْ أُوتِيَ الْقُرْآنَ، وَلَمْ يُؤْتَ حِفْظَ حُرُوفِ الْعِلْمِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ: {مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ: مَثَلُ الْأُتْرُجَّةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ. وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ: مَثَلُ التَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلَا رِيحَ لَهَا. وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ: كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ. وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ: مَثَلُ الْحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا مُرٌّ وَلَا رِيحَ لَهَا}.

فَقَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ حَافِظًا لِحُرُوفِ الْقُرْآنِ وَسُوَرِهِ، وَلَا يَكُونُ مُؤْمِنًا، بَلْ يَكُونُ مُنَافِقًا. فَالْمُؤْمِنُ الَّذِي لَا يَحْفَظُ حُرُوفَهُ وَسُوَرَهُ خَيْرٌ مِنْهُ. وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمُنَافِقُ يَنْتَفِعُ بِهِ الْغَيْرُ كَمَا يُنْتَفَعُ بِالرَّيْحَانِ.

وَأَمَّا الَّذِي أُوتِيَ الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ فَهُوَ مُؤْمِنٌ عَلِيمٌ، فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَيْسَ مِثْلُهُ فِي الْعِلْمِ مِثْلَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الْإِيمَانِ ; فَهَذَا أَصْلٌ تَجِبُ مَعْرِفَتُهُ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير