تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بالحاضرين الذين غلب عليهم عنصر الشباب، ألقى الشيخ الدرس علما جنيا وموعظة صادقة ذرفت منها العيون وخشعت القلوب

ولم يكن هنالك ما يعكر الصفو سوى مجموعة من الشرطة والعساكر يتحلقون في باحة المسجد يتصلون برؤسائهم وينقلون لهم أجواء سير المحاضرة مبدين استعداداهم لإيقافها عند أول أمر

.. بعد انتهاء المحاضرة واستعداد الموكب للإنطلاق وفد إلى الشيخ وفد من أربعين شابا يعلنون استنكارهم لموقف بعض المسؤولين في قريتهم "أقشوركيت" ويبرأون ممن يقف في طريق الشيخ والدعوة، فقبل الشيخ اعتذارهم وواصلنا المسير.

قبل وصولنا إلى مقطع لحجار كان ترحاب أسرة المجد التليد والكرم الأصيل يرافقنا بالهاتف ويسألون أين وصلنا ويدلوننا على البيت الذي دلت عليه خصال أهل عبد الدايم.

كان المسجد مكتظا بالمصلين ساعة وصولنا فتقدم أحد مرافقي الشيخ ليحدث المستمعين فى انتظار أن يستريح الشيخ الذي أعياه الصداع و بعد صلاة العصر حضر الشيخ المبارك فتهللت وجوه الحاضرين الذين كانوا ينتظرون غيث مواعظه الذي انهمر على قلوبهم فلانت لذكر الله وما نزل من الحق، واستمر الدرس وإجابة الأسئلة إلى ما قبل صلاة المغرب حيث ودعناهم وتوجهنا إلى قرية "الشلخ" التي تبعد 30 كلم من "مقطع لحجار" ومما ميز الطريق مهارة دليلنا الأستاذ ملاي ولد ابراهيم الذي كان يطير ويتوثب بسيارة "بينز 190" يسابق بها سيارات الوفد ذات الدفع الرباعي حتى تركنا بعيدا عنه في خضخاض من طين، وجدنا أهل "الشلخ" قد تجمهروا عن بكرة أبيهم أمام خيام قد نصبوها وساحات أفرشوها، ضيافتنا في هذه القرية الطيبة كانت مميزة هي الأخرى فقد أشرف عليها شيوخ القرية تحت إشراف الشيخ الشريف "ابرهيم ولد الطالب دحمان" – أحد أعيانها – وذلك حرصا منهم على حسن الكرم والضيافة.

يبدو أن أهل الشلخ كانوا ينتظرون من الزيارة أكثر من درس دعوي لذلك أعلنوا في نهاية الزيارة عن ولائهم المطلق لخيار الشيخ والعلماء تأخر موكب الشيخ نظرا لهطول الأمطار الغزيرة التي لم تعرقل غيث الكرم الصافي للأشراف الكرام

ضحوة الصباح الموالي وصلت سيارة من محطتنا الموالية "واد آمور" تود الاطمئنان على سلامة الوفد الذي تأخر عن موعده، وفي طريقنا إلى واد آمور كان لنا توقف مميز، حيث زرنا الشيخ العالم العابد المربي الشيخ المصطفى ولد الشيخ أبي المعالي، ما أدهشنا هو حضور ذهن الرجل على كبر سنه والوعي الذي لم نكن نتوقعه من شيخ تنكب الدنيا وانشغل بالعبادة والخلاء، فبعد سؤاله الشيخ عن أسرة "الطلب" وتذكره الأيام الخوالي، أبان أنه يعرفنا وأننا الطائفة التي لاتزال على الحق ظاهرة لايضرها من خذلها ولا من خالفها حتى ياتي أمر الله وهم على ذلك، وأنه يذكر ماكان يردده محمد عالي ولد عبد الودود من أن المسلم قد يصبح في بلده مضطرا إلى أضيق طريق، ومما تذكره أيضا قول العلامة محمد عالي ردا على استفتاء للدولة في مؤتمر العلماء 1961 هل يجوز للدولة قتل من يهدد الأمن؟ فأجابه أحد الحضور بأن ذلك جائز فاعترض محمد عالي قائلا: تمهلوا في فتاويكم، هذه أمور قد تذهب فيها دماء المسلمين وأموالهم فلابد أن تعطوا شهرا على الأقل في التفكير، فسانده الشيخ أحمد أبو المعالي قائلا: أقللت، شهر واحد لا يكفي.

بعد هذا الحديث الشيق استأذن الشيخ محمد الحسن من مضيفه فألم عليه أن يقيل عنده وبعد أن اعتذر لضيق الوقت، أهدى له الشيخ المصطفى شيئا من تمر مفصصا ومبلغا من المال فقبل الشيخ التمر وأصر على عدم أخذ النقود كما رفض الشيخ المصطفى قبول هدية الشيخ المعتادة للعلماء قائلا: كيف آخذ مالكم وأنتم دعاة تخرجون في سبيل الله، ودعنا الشيخ ونحن نتمنى ذرة من وعيه لمن يسكنون العاصمة ويفتى في الإذاعة والتلفزة يبيحون دماء المسلمين واموالهم.

وواصلنا المسير نحو "واد آمور" الذي استقبل أهله وفد الشيخ في مخيم نصبوه لهذا الغرض واكب علينا سكان الحي نساء ورجالا حتى أن شيخا جيء به يهادى، إبان سكان واد آمور عن مشاعر فياضة من الحب والولاء للشيخ وما يرمز له من علم وخلق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير