تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بعد تناول الغداء ذهبنا إلى حي اتلاميد أهل سيد عبد الرحمن حيث أعدوا دارا فسيحة و حائطا ضخما و خياما جميلة و امتلأ الجميع بالشباب النضر و الشيوخ المتوضئين، كان الإزدحام على الشيخ شديدا .. الأمر الذي اقتضى تهدئة للنفوس أن يلقي أحد مرافقي الشيخ كلمة تثبيتية شكر فيها أهل "كرو" معدن الخير و العلم و العلماء مضيفا أن رضا أنجبت ابن اخطور و لمرابط محمد احيد و أبناء ميابه ليس غريبا عليها هذا الموقف البطولي المشرف الذي لن ينسى، و قال إنه لا يريد نقص ذرة من زفرات الغضب الذي تنحشر في نفوس الحاضرين فهو غضب في محله، وأضاف أن الشيخ يؤكد على مشروعية الدعوة بدون إذن و سلميتها في نفس الوقت.

بدأنا الزيارات في نحو الرابعة مساء .. و ما توجهنا إلى عالم إلا و عشرات السيارات ترافقنا تصدح حناجرها الشيخ قادم، فكانت مسيرات ضخمة جابت شوارع المدينة حتى وقت انصرافنا من "كرو" قبيل صلاة العشاء، و من المحطات المهمة أيضا في هذه الزيارة زيارة الشيخ الوقور الذي جيئ به إلينا محمولا في فراشه و هو بياي ولد بياي .. و رغم ضعفه البادي إلا أنه اظهر سرورا غير عادي بالشيخ و دلل فيه من ذخائر الأدب الحسين ما جعل الحاضرين يعجبون من قوة ذاكرته.

زار الموكب أيضا بيت السياسي و الوجه القبيلي الكبير محمد عبد الرحمن ولد امين الذي رافقنا أبناءه رسلا من والدتهم الكريمة التي دعت الشيخ لزيارة بيتها رغم سفر عبد الرحمن، كان استقبال أهل البيت لنا يفيض بالحب و الكرم فرأينا نساء يسجدن شكرا لله على سلامة الشيخ و كانت ربة البيت تستقبلنا وتودعنا في حشمة و وقار لو كان والد إسماعيل عليهما السلام حيا لأمر بتثبيت العتبة فى مكانها.

ولأن الشيخ ملتزم بالأمر الجائر للوالي و حاكمه فوض أحد تلامذته في إلقاء كلمة في الجمع المحتشد في دار أهل امين فشكر المتكلم أسرة أهل أمين و أضاف: إن موريتانيا لتفخر بالساسة الوطنيين من أمثال ابن أمين الذي غلب مصلحة الشعب و انتصر للحرية و العدل بتجشمه صعب مناصرة العلماء و زيارتهم في السجن، و إن هذا الموقف التاريخي لن ينسى.

لم نخرج من "كرو" إلا بعد أن ضاقت فرق الأمن ذرعا بالأفواج التي ترافقنا أينما اتجهنا، فحالوا بيننا و الجمهور و تولوا هم مرافقتنا إلى "الغرد" و ظلوا يلحظوننا كأننا باعة مخدارت أو سراق مال عام، وصلنا "الغرد" رمز وحدة قبيلة مسومة الكرام الذين استقبلونا شبابا و شيوخا بكل ترحاب و محبة و بتنا عندهم بأهنأ ليلة اغدقوا علينا من كرمهم ..... زرنا مشايخ القرية من أمثال الشيخ الوقور محمد يبر الذي نسال الله له العافية و الشفاء العاجل.

وصلت إلينا سيارة تستعجل وصلنا إلى "كيفه" فوافاها وفد الشيخ ضحوة و قد ازدانت بالخيام الجميلة و الدور المفروشة و الساحات المهيئة و استقبلنا في مدخلها كراما من كرام و في مقدمتهم الأستاذ المصطف بن باب الذي كانت رعايته للشيخ وصحبته لا توصف خدمة و بشاشة. كان من المقرر -عند أهل كيفه- أن يلقي الشيخ محاضرة في أحد مساجد كيفه إلا أن ممانعة الوالي المتصلبة حالت دونها رغم اكتظاظ ا لمسجد با لجماهير المتعطشة والأعناق المشرئبة منتظرة وصول الشيخ وتواقة إلى السماع منه لكن الشيخ أرسل احد تلاميذته ليلقي درسا حال دونها مدير الأمن الجهوي في ثلة من جنوده إلا أنهم لم يستطيعوا اسكات الجمهور الغاضب الذي يعلن الشعارات و يقذف بالعبارات فداء للشيخ و الدعوة، إلى ان تدخل الممنوع من الحديث فحمل الدولة إثم منع الشيخ إلقاء دروسه …. كما أكد على سلمية الدعوة و طلب من الجمهور الانصراف في هدوء، فانصرف الناس يبكون و يكبرون.

في مساء ذلك اليوم ذهب الشيخ لزيارة بعض الأعيان و السلام على المشايخ .. وضحى اليوم التالي خرجنا من كيفه نقصد الطينطان الذي أوفد إلينا سيارة صاحبتنا أغلب الطريق فيها الداعية المضحي المتواضع المصطف ولد الطالب النافع وصلنا وقد أزفت صلاة الظهر كان المسجد مكتظا بالجمهور المتعطش لسماع الشيخ، ألقى الشيخ درسه الرباني كعادته بعدها عرج على مكان الضيافة و الكرم لاهل الطالب النافع ثم ذهب لبعض الزيارات، و كان الدرس الموالي ليلا في المدينة المنورة حيث الأنصار و إيثارهم المعهود و كرمهم المشهود ... في "حاس البركة" كان المبيت المريح بعد صلاة الصبح كانت محاضرة الشيخ تنساب مع انفاس

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير