تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الصباح الندى إلى أهل القرية الكرام، بعد المحاضرة وضعوا بين أيدينا مائدة فخمة علق عليها أحد الحاضرين بقوله (يبدوا أن شاتكم لها ظهران) و لها رأسان. ودعنا القوم بحرارة وإكبار، ثم توجهنا إلى قرية "الملحس" التي استقبلنا أهلها في الطريق بما لا يوصف من البشاشة و الحبور و رافقونا إلى قريتهم حيث ألقى الشيخ درسه في المسجد ثم راتفقنا الشباب إلى "ادويرارة" حيث النصرة و الانصار الذين بنوا الخيام و بسطوا الفراش و كان الحضور كبارا و صغارا يعلنون ولاءهم و استعدادهم للتضحية في سبيل الدين و الدعوة، استمعوا إلى الشيخ في محاضرته، وبعدها توجهنا إلى "كوبني" و كان المبيت في قرية "حاس أهل أحمد بشتة" في بيت الأكرميين أهل محمد .. حيث بات فتيانهم الأخيارساهرين حفاظا على راحتنا، و في الصباح تقاطر أهل الحي علينا من كل ناحية فأعطاهم الشيخ مما أعطاه الله من العلم الغزير و الخلق الوفير، وبعد الضيافة الكريمة و دعنا الأهل قاصدين لعيون

.. ما إن وصلنا المسجد و أعلن عن المحاضرة حتى انقضت الشرطة على المنبر و استخدمت الإمام الذي اعتذر عن المحاضرة فصاح الناس مطالبين بمحاضرة الشيخ و تحدث بعضهم بكلام عنيف للإمام الذي أحرج فطلب منه الشيخ الجلوس معه و الاستماع لما يقول فإن رآى ما ينكر اعترض عليه و إلا سمح للمحاضرة بالتواصل فقبل الإمام تحت إلحاح الحاضرين و جلس على فراش المسجد الذي احتل منبره الشرطي، و ما إن توسط الحديث حتى جاء الشرطي خائفا يترقب و قال حياتي مهددة و لابد أن توقفوا الكلام فبدأ الشيخ بالدعاء الذي كان أثقل عليهم من الدرس ... بعد المحاضرة توجهنا إلى "تنبدغة" في حراسة من سيارات الشرطة كأننا قطاع طرق جئنا لنفسد فى الأرض ونهلك الحرث والنسل.

في تلك الليلة بتنا في "لقويركه" في ضيافة خريج "بيلا" محمد الأمين ولد اسماعيل و في الصباح قام الشيخ بزيارات لبعض أعيان القرية الطيبين ثم توجه إلى مدينة "تنبدغه" و إلى مسجدها الجديد حيث كان الجمهور غلب عليه الحماس ينتظر الشيخ متعطشا لما يقول إلا أن الشرطة منعت المحاضرة فتوجهت كوكبة من الشباب الغاضبين، مما ستدعى كلمة تثبتية طلب إليهم بعدها الإنصراف في هدوء، فخرجوا غاضبين، بعدها تيقن الشيخ أن المنع عام و مركزي على ما يبدو فقرر قطع الرحلة و العودة إلى انواكشوط،ودعنا أهل تنبدغه آسفين في مقدمتهم إمام المسجد والخطيب البارع خطري بن الإمام.

بمجرد اقترابنا من لعيون كانت سيارة الدرك تنتظرنا فيما يبدو فصاحبت مسيرنا إلى قرية التوفيق حيث أهلها الموفقون قد أخذوا علينا موثقا أن نمر عليهم عائدين، فاستقبلنا وجههم البشوش السيد محمد فال ولد القاسم الذي بنى الخيام وبسط الفرش و اغدق في الإكرام جزاه الله و ربعه خير الجزاء و بعد الصلاة التف شباب القرية و شيوخها حول الشيخ يسألون و يجيبهم و كان الدعاء و الانطلاق إلى نحو الدفعة حيث مبيتنا مكرمين من أهلها الطيبين و بعد صلاة الفجر واصلنا المسير فكان التوقف عند كيفه للسلام على الشيخ الفاضل محمد الأمين ولد الحسن الذي وجدنا من حديثه العذب و كرمه الضافي ما أنسانا مضاضة إعراض السلطان .. توجهنا بعد ذلك إلى حي الكرام أولاد ألمين في- التقادة- الذي ازعجهم تخطينا لهم ابتداءا فاستقبلونا بحفاوتهم المعهودة و كرمهم الأصيل و في مقدمتهم الاستاذ السالم الناجي الخلوق البشوش، كانت قرية القوم من أكثر الأرياف جمالا و سحرا، انكب على الشيخ شيوخ القرية مرحبين به و مبدين استعدادهم لنصرته بالغالي و النفيس، كان مقيلنا عند القوم مميزا استمتع فيه بعض مرافقي الشيخ بجولة في إريج الماء الرقراق يجري بين واحات النخيل و تلات الرمل الناعم و الجبال المكسوة خضرة و شموخا، مناظر خلابة وبلدة طيبة وأهل كرماء ورب رحيم نسأله أن يغفر لنا.

شباب أغش ورقيت المؤمن عز عليه أن يسجل التاريخ نفر مدينته من الدعوة و العلم فأصر على المرور به ففعلنا فكان الوصول متأخرا بعد صلاة العشاء و مع ذلك فاجأنا الحضور الكثيف الذي غص به المسجد فألقى الشيخ علمانافعا و فكرا متقدا و وعظا خالصا نسأل الله أن ينفع به الجميع.

ورغم ضيق الوقت واستعجال الوفد أصر الشباب على تقديم الضيافة الكريمة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير