تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

صلى الله عليه وسلم الأمر بهذه الضجعة بقوله، فماذا تقولون في قوله؟ إن هؤلاء عندما يقومون بالاستهزاء بالسنن يظنون أنهم يضرون الذين يطبقون هذه السنن والواقع أنهم لا يضرون إلا أنفسهم، وقد شاهدت في يوم من الأيام أتيت وقت صلاة الفجر فجاء شاب فصلى ركعتي الفجر فاضطجع تلك الضجعة الخفيفة وقام فنظرت إليه الأعين وأنكر عليه بعض الحاضرين وزعموا أنه من الذين أتوا بدين جديد وأن هذا لم يكن معروفا قبل مجيء هذه الدعوة وبدأوا يطعنون فيه فجاء عامل من الذين يبيعون الماء ويحملونه على الحمر الأهلية فقال: هل ثبتت هذه الهئية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: نعم ثبتت عنه فقال أي شيء ثبت فإني سأفعله والبأس الذي فيه يجعله الله في كبدي حتى لو جعلتموه كفرا، فقطع الله ألسنتهم بكلمة هذا العامي الذي هو خير منهم في اعتقاده وفي ولائه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفي قناعته بسنته فرد على أولئك الذين يدعون الفقه في الدين بكلام لا يستطيعون بعده أن يراجعوه بكلمة واحدة ولا بشطر كلمة. إن الذين يستهزئون بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يظنون أنهم بذلك يشنون هجوما على الداعين إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن الواقع أنهم يهاجمون شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد هاجمه قبلهم أبو جهل وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة فماذا حصل لهم لقد جر أولئك على وجوههم إلى القليب ثم بعد ذلك عن يسار الداخل إلى النار يوم القيامة.

إن الله عز وجل قال لرسوله صلى الله عليه وسلم: في محكم التنزيل: "إنا كفيناك المستهزئين" فقد كفاه الله كل الذين يستهزئون به وبسنته وهذا ماض إلى قيام الساعة، فلا يستهزئ أحد برسول الله صلى الله عليه وسلم إلا كفاه الله إياه.

عباد الله، إن الذين يستهزئون بالسنن الأخرى التي ترجع إلى اللباس أو غير ذلك ما هم إلا كهؤلاء الذين يستهزئون بهيئات صلاته فإنه صلى الله عليه وسلم مرسل إلى الناس كافة وقد جعله الله الأسوة الصالحة لجميع المؤمنين وقال: " لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة" فالذين يسخرون من العمائم أو يصغرونها أو يسخرون ممن يبيت في المسجد أو ينام فيه أو يضع فيه متاعه إنما يسخرون من رسول الله صلى الله عليه وسلم فكل ذلك ثابت عنه صلى الله عليه وسلم وكان صلى الله عليه وسلم يلبس عمامته ويصلي بالناس وكان يلبسها في كل أوقاته حتى إنه لبسها فوق المغفر يوم الفتح كما في حديث جابر في صحيح مسلم.

وكذلك فإنه صلى الله عليه وسلم كان يسكن في المسجد وهو أحب البقاع إليه وعندما آلى من نسائه شهرا سكن في المسجد وعندما يعتكف وينقطع لعبادة ربه يسكن في المسجد وأصحابه الذين انقطعوا لعبادة الله عز وجل وهم ضيوف رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الصفة وكانوا ثلاثمائة وثمانين رجلا لم يكن لهم مأوى إلا مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانوا يسكنون فيه ويتدارسون فيه العلم ويراجعون فيه ما سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحفظون فيه القرآن وكذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسكن فيه من مرض من أصحابه ليعوده فقد ثبت أن سعد ابن معاذ لما أصابه سهم يوم الأحزاب بنى له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيمة في المسجد فكان يعوده فيها وكذلك كان ينزل فيه ضيوفه الذين هم من حديثي الإسلام كمالك بن الحويرث وأصحابه وكانوا شببة حديثي عهد بكفر فلما أسلموا أنزلهم النبي صبى الله عليه وسلم في المسجد. وكان ينزل فيه الأسرى الذين يطمع في إسلامهم فقد ربط فيه ثمامة بن أثال الحنفي فكان يمر عليه فيعرض عليه الإسلام فيقول: يا محمد إن تمنن علي مننت على شاكر وإن تقتلني قتلت ذا دم فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عليه الإسلام ويتجاوزه حتى مر عليه يوما فخرج إلى الحرة فاغتسل فجاء وأعلن إسلامه وكذلك كان صلى الله عليه وسلم الله يحبس فيه السبي فقد حبس فيه سفانة بنت حاتم بن عبد الله الطائي عندما جاء بها علي بن أبي طالب في سبي طيء فمر عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى المسجد، فقالت: يا محمد مات الوالد وغاب الوافد فامنن علي من الله عليك ولا جعل لك إلى لئيم حاجة فقال: من والدك؟ فقالت: حاتم بن عبد الله الطائي قال: ومن وافدك؟ قالت: عدي بن حاتم قال: آلفار من الله ورسوله؟! فمن عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجت

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير