تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يخالفونه في أول قول قاله. وكذلك فإنه يقول في هذه المقدمة:"ولا يحل له أن يفعل فعلا حتى يعلم حكم الله فيه ويسأل العلماء" وهؤلاء لا يفعلون ذلك فهم يخالفون في قوله فكيف يكونون أولى به. إن هذا من التناقض البين ومن الافتراء والكذب على الأئمة ولا ينطلي إلا على جاهل بهؤلاء الأئمة وبما قالوه ولذلك لا بد أن نعلم أن مالكا وأتباعه كان من صريح مذهبهم الدعوة إلى الحق والسنة والسعي في سبيل ذلك فإن مالكا رحمه الله جلد سبعين سوطا في الدفاع عن السنة وعندما حمله أمير المدينة على حمار كان كلما مر به على ملإ يقول: من كان يعرفني فقد عرفني ومن لم يكن يعرفني فأنا مالك بن أنس ألا لا طلاق في إغلاق ألا وإن أيمان البيعة باطلة وهو يجلد ويؤدب ومع ذلك يصمد على طريق الحق وغير مستغرب من الإمام مثل هذه المواقف الناصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهو الذي لم يلبس النعال في المدينة احتراما لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي عندما سأله قاضي المدينة عن حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الطريق قال: من هذا الذي يسأل عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطريق اجلدوه عشرين سوطا فجلده عشرين سوطا ثم رحمه فدعاه إلى بيته فأجلسه في مجلسه وطيبه من طيبه ثم حدثه عشرين حديثا فقال القاضي ليته جلدني مائة جلدة فحدثني مائة حديث. إنه لا يستغرب منه مثل هذا الموقف لذلك فإن الذين يزعمون أن الأئمة السابقين كانوا من المداهنين ويتمثلون بما حصل في أيام الحجاج ويزعمون أن أهل العلم سكتوا عما فعل إنما هم من الكاذبين المفترين الذين يخيلون إلى الأمة ما لا يمكن أن يقره عقل ولا خبر فأنتم تعلمون أن الحجاج لما ظلم وأظهر ظلمه في العراق خرج عليه علماء المسلمين جميعا وقاتلوه منهم عدد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ختم الحجاج في عنقه بالنار ومنهم الإمام عامر بن شراحيل الشعبي إمام التابعين ومنهم الإمام سعيد بن جبير إمام من أئمة التابعين من أصحاب ابن عباس ومنهم قتادة بن دعامة السدوسي إمام من أئمة التابعين ومنهم إبراهيم النخعي وقد مات في ملجئه مختفيا من الحجاج وكذلك فإن الإمام مالكا رحمه الله أفتى أيضا حين ظهر الفساد في المدينة بالخروج مع محمد النفس الزكية عندما كان في المدينة يدفع الباطل وكان محمد هذا من خيرة علماء المدينة من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. إن هؤلاء الكاذبين يزعمون أن الداعين إلى منهج الله والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ينتهجون نهج الخوارج وأنتم تعرفون أن الخوارج هم فرقة من الفرق الضالة التي ظهرت في بداية هذه الأمة وقد خرجوا على أئمة الإسلام وخلفاء المسلمين بالسلاح وقاتلوهم فقتلهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه والمؤمنون معه وسلك سبيلهم بعض المفتونين من بعدهم فكيف يكون من لم ير سلاحا إلا عن بعد ولم يباشره بيده قط يعد من هؤلاء وإن هؤلاء إنما يبنون خروجهم على نحلة وعقيدة وهي التكفير بكل ذنب وهي أن الإمامة ليست مختصة بقريش إلى آخر نحلهم وما هم عليه من الاعتزال وإنكار صفات الله سبحانه وتعالى والمنزلة بين المنزلتين والعدل والتوحيد وغير ذلك من المبادئ التي أعلنوها فالذين يزعمون أن الذين يدعون إلى سبيل الحق من هؤلاء الخوارج إنما هم كذابون، مفترون، يخادعون الناس وهم مبطلون، والغريب أن هؤلاء يتجاسرون حتى على مذهب أهل السنة فيطعنون في مذهب الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة، فلذاك تسمعهم يتكلمون عن المذهب الوهابي، ما هو المذهب الوهابي؟!! إنه مذهب أمام أهل السنة أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل شيخ الطائفتين وإمام المحدثين وإمام أهل السنة جميعا الذي قال فيه الإمام أبو داود سليمان بن الأشعث رحمه الله: " إن موقف أحمد في الفتنة كموقف أبي بكر في الردة صمد على دين الله وصبر على أذاه في سبيل الله ثماني عشرة سنة وهو في السلاسل والحديد وقد جلد خمسمائة سوط فلم يرده ذلك عن السنة التي يدافع عنها فالذين يطعنون في مذهبه إنما يريدون تحطيم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهيهات أن يتحقق لهم ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير