تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أن يخذلهم الله في الدنيا والآخرة. وقد أخذ الله العهد على الذين آتاهم هذا العلم أن يصدقوا فيه وأن لا يكذبوا فقد قال تعالى: وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون، فأولئك قد اشتروا بما يقولون ثمنا قليلا فكذبوا على الله عز وجل وأحلوا ما حرمه الله وحرموا ما أحله وكذبوا على رسل الله فتوعدهم الله بهذا الوعيد الشديد وبين خسرانهم وأن الله لا يتقبل منهم صالح أعمالهم وهذا الخذلان الذي توعد الله به من يكذبون عليه ويحلون ما حرمه ويحرمون ما حلله، ومن مظاهره أن يسلكوا طريق المشركين الذين طردهم الله عن بابه وسلك بهم طريق النار.

إن طريق المشركين بين في كتاب الله وأنتم تعلمون أن الذين يسلكون هذا الطريق يظهر عليهم سلوك طريق المشركين في كثير من الأمور البادية للعيان فمن ذلك أنهم يحلون بعض الأمر فينسبونه إلى الله فلا يجعلونه متناولا بالأحكام الشرعية وهذا طريق المشركين كما قال تعالى: وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون. إن هذا الطريق قد سلكه كذلك أتباع النصرانية، أتباع ماركز عندما انحرفوا عن ملة المسيح بن مريم عليه السلام فزعموا أن ما لقيصر لقيصر وما لله لله وتناقضوا فلم يحددوا ما لقيصر وما لله: فاصطلحوا أن ما لقيصر هو ما غلب عليه وأن لله ما سوى ذلك فلم يتركوا لله إلا المتردية والنطيحة وما أكل السبع وما لا خير فيه، نسبوا كل ما يحتاج الناس إليه في أمور الاقتصاد والاجتماع والسياسة وغير ذلك إلى قيصر وأخرجوا ذلك من متناول أحكام الله عز وجل وهذا النوع كثير، يحصل في المنافقين في هذه الأمة إذا سلكوا هذا الطريق فيخذلهم الله فيتردون في طريق المشركين والنصارى فيقسمون الأحكام والأمور إلى قسمين: إلى ما يرجع فيه إلى فتوى الشرع تؤخذ فيه الأحكام من أهلها وما لا يرجع فيه إلا إلى أقوال الظلمة والطغاة. وهذا النوع لا شك إلحاد في الدين وتفريق بينه وهو من خذلان الله سبحانه وتعالى للسالكين لطريق النفاق، وكذلك من خذلان الله تعالى للسالكين لطريق النفاق ما يقعون فيه من التنقاضات الجلية التي يطلع عليها القاصي والداني فهم يكذبون أنفسهم ويعلنون براءتهم من الكذب ويردون على المخالفين للحق ويجلبون النصوص الثابتة في لعن من حرف كتاب الله ومن حرف كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي وضع الكلام في غير مواضعه، يجلبون النصوص التي تدينهم وتلعنهم رب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه. ومن مظاهر هذا الخذلان كذلك أن الله سبحانه وتعالى يصرفهم عن أوليائه والداعين إلى سبيله فإذا أرادوا أن ينتقصوهم سموهم بأسماء لا تنطبق عليهم ووصفوهم بأوصاف لا يتصفون بها كما كان المشركون يفعلون، فإنهم كانوا يسبون رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصرفهم الله تعالى عنه فإذا أرادوا أن يسبوه سبوا مذمما والنبي صلى الله عليه وسلم محمد لا مذمم ولذلك فإن هجاءهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان لمذمم فبرأ الله منه رسوله صلى الله عليه وسلم وصرفهم عنه وكذلك هؤلاء إذا أرادوا أن ينتقصوا أهل الله عز وجل ينتقصون الذين يكفرون الناس والذين يتطرفون فهم يشنون الغارة الشعواء على المتطرفين والإرهابيين وغيرهم فيصرفهم الله عن أهل الحق فإنهم لا يتصفون بهذه الصفات ولا يتسمون بهذه الأسماء فهم أبعد الناس عنها وعن مظاهرها لكن ذلك من خذلان الله للمنافقين فتقع رمايتهم في غير محلها وتطيش سهامهم فلا تصيب أهدافها وهذا من سنة الله سبحانه وتعالى في الدفاع عن المؤمنين وقد قال تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور، وكذلك فإن من مظاهر النفاق أولئك الذين يتشبثون بالظلمة الذين يشكون حالهم إلى أنفسهم وإلى من حولهم فهم في أضيق أحوالهم وأشدها ولا يستطيع أحد منهم أن يقوم بشؤون نفسه بل إنما حالهم ما بينه الله تعالى في كتابه: يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب ما قدروا الله حق قدره. ضعف الطالب والمطلوب. إن الذي يتقربون إليه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير