تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و عند البخاري و مسلم عن عبد الله بن مسعود أن رجلا أصاب من امرأة يعني ما دون الفاحشة فلا أدري ما بلغ غير أنه دون الزنا فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فأنزل الله سبحانه (أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين) فقال يا رسول الله ألي هذه قال لمن أخذ بها).

الحديث يدل على أن من فعل مثل فعل هذا الرجل ثم صلى مع المسلمين فإن هذه السيئة تذهبها حسنة الصلاة كما هو ظاهر الآية.

و هذا لا يكون إلا في الصغائر لا في الكبائر كما قال تعالى {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} (32) سورة النجم.

و قوله تعالى {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا} (31) سورة النساء.

قال ابن كثير رحمه الله (ثم فسر المحسنين بأنهم الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش، أي لا يتعاطون المحرمات الكبائر، وإن وقع منهم بعض الصغائر فإنه يغفر لهم ويستر عليهم كما قال في الآية الأُخْرى: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريماً}، وقال ههنا: {الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم}، وهذا استثناء منقطع لأن اللمم من صغائر الذنوب ومحقرات الأعمال.).

و قد فصل ابن كثير في حقيقة الكبيرة و نقل أقوال أهل فيها فمن أراد الإستزادة فليراجع تفسير بن كثير عند قوله تعالى {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا} (31) سورة النساء.

دليل آخر في هذه المسألة عن ابن عباس قال: ما رأيت شيئاً أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "إن اللّه تعالى كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان النطق، والنَّفْس تمنّى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه" أخرجه الإمام أحمد ورواه الشيخان أيضاً.

و عند مسلم عن أبي هريرة،

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى. مدرك ذلك لا محالة. فالعينان زناهما النظر. والأذنان زناهما الاستماع. واللسان زناه الكلام. واليد زناها البطش. والرجل زناها الخطا. والقلب يهوى ويتمنى. ويصدق ذلك الفرج ويكذبه".

وقال ابن جرير حدثني محمد بن معمر, قال: حدثنا يعقوب, قال: حدثنا وهيب, قال: حدثنا عبد الله بن عثمان بن خُثَيم بن عمرو القاريّ, قال: ثني عبد الرحمن بن نافع الذي يقال له ابن لُبابة الطائفيّ, قال: سألت أبا هُريرة عن قول الله: الّذِينَ يجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الإثْمِ وَالفَوَاحِشَ إلاّ اللّمَمَ قال: القُبلة, والغَمزة, والنظْرة والمباشرة, إذا مسّ الختان الختان فقد وجب الغسل, وهو الزنى.

فال ابن جرير حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن الأعمش, عن أبي الضحى, أن ابن مسعود قال: زنى العينين: النظر, وزنى الشفتين: التقبيل, وزنى اليدين: البطش, وزنى الرجلين: المشي, ويصدّق ذلك الفرْج أو يكذّبه, فإن تقدّم بفرجه كان زانيا, وإلا فهو اللمم).

فتبين لنا أن القبلة و الغمزة و النظرة و النطق باللسان و اللمسه و كل ما دون التقاء الختانين فهو من اللمم.

ثم لننظر هل يدخل النظر إلى الصور الخليعة في هذا الحد الجامع الذي استفدناه من حديث النبي صلى الله عليه و سلم و أقوال الصحابة رضوان الله عليهم أم لا؟

يدخل النظر إلى هذه الصور الخليعة في حديث أبي هريرة (و زنا العين النظر).

و هو نص صريح في تحريم النظر المباشر إلى النساء من أجل الشهوة فيدخل من باب أولى النظر غير المباشر إلى الصور و الأفلام الخليعة.

قد يقول قائل أن النظر بشهوة لا يكون نظر كامل إلى جميع جسد المرأة كما هو في الصور و الأفلام الخليعة نقول الأصل و الحد الذي استفدناه من الأدلة يدل على أن كل ما هو دون الزنا فهو من اللمم و هذا الحد يدخل فيه النظر إلى الصور و الأفلام الخليعة و لا شك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير