تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وختاما فإنه من المناسب في هذا الموضع، التذكير بأن الغزالي رحمه الله، مع تأثره بمذهب الفلاسفة، كما نبه إلى ذلك تلميذه ابن العربي رحمه الله، قد رد على ابن سينا في "تهافت الفلاسفة"، في عشرين مجلسا له، كفره في ثلاث منها وهي قوله بقدم العالم، وعدم المعاد الجثماني، وقوله بأن الله لا يعلم الجزئيات، كما سبق، وبدعه في الباقي.

وللأمانة، فإن كثير رحمه الله قال: يقال أنه تاب عند الموت، فالله أعلم.

ـ[الدرعمى]ــــــــ[21 - 07 - 04, 10:43 م]ـ

الأخ الكريم أبو المسور المصرى حفظه الله

لقد قرأت ما كتبته عن ابن كلاب رحمه الله تعالى فقد أفادنى كثيرًا بارك الله فيك ولكن من الأفضل أن نفرد لمناقشة هذا الموضوع رابطًا حتى لا تختلط الموضوعات.

على أننى أشكرك على هذا التوضيح الجيد والمبسط لما وقع فيه إمام الفلاسفة وشيخهم ابن سينا

وإكمالا لما بدأته أود الإشارة إلى أن ما توصل إليه ابن سينا من عقائد باطلة كان قد نقلها عن أسلافه من المشائيين وعلى طريقة أساتذته من المدرسة الأفلاطونية المحدثة التى حاولت إيجاد نوع من التوازن بين العقيدة النصرانية والفلسفة اليونانية والواقع أن تلك النظريات الفلسفية كل لا يتجزء ولا يمكن النظر إليها كأفكار متناثرة فهى بناء فكرى متكامل حاول فيه هؤلاء أن يضعوا لأنفسهم تفسيرًا للوجود اعتمادًا على منهجهم المسمى بالمنطق الصورى وهم فى الواقع لا يستندون إلى وحى وشريعة كما لا يستندون إلى الواقع الجزئى بل إلى المقدمات العقلية المجردة وقد انخدع بهم الكثير ممن لا علم له ومن أسباب ذلك أن من جملة علومهم مالا صلة له بالدين كما أنهم قد وضعوا للوصول إلى أغراضهم ضوابط يعلم الناظر أنها موصلة بهم إلى اليقين لا محالة لكنهم عند التطبيق قد تساهلوا غاية التساهل.

ومن أعظم ما وقع فيه هؤلاء قولهم بقدم العالم واستدلوا على ذلك باستحالة صدور حادث عن إرادة قديمة وقالوا إذا كان العالم محدثًا فلم لم يحدث قبل حدوثه؟

المسألة الثانية وهى فرع عن الأولى قالوا إذا كان العالم قديمًا فلا يمكن أن يكن له آخر ودليلهم هنا هو دليلهم الأول وهو أن العالم معلول لعلة أزليه فلا بد أن يكون أزليًا.

والجوب عن ذلك أن نقول لهؤلاء إن ذلك هو ما نقصده بقولنا إن الله تعالى قادر مريد.

وأما قولهم إنه تعالى لا يعلم بالجزئيات فقد ذهب إليه جماعة منهم ابن سينا فزعموا أن الله تعالى يعلم بعلم كلى لا يدخل تحت الزمان وقد خالفهم ابن سينا فى هذه المسالة حياءً من هذا القول فقال إن علمه بنفسه وبغيره هو ذاته وهوتناقض استحيا منه بقية الفلاسفة (وكذلك يفعل الله بمن ضل عن سبيله وظن أن الأمور الإلاهية يستولى على كنهها بنظره وتخيله)

قالوا إن العالم من الله تعالى بمنزلة العلة من المعلول وهذا لا يسمى خلقًا فالفاعل لا يسمى فاعلاً لمجرد كونه علة بل لكونه علة على وجه مخصوص هو وقوع الفعل منه على سبيل الإرادة والأختيار وهم ينفونه عن الله تعالى، ثم لكونه خالقًا يتطلب الإيجاد بعد العدم وهم لايقولون بأن العالم أوجد من العدم فهم أعجز الناس عن إثبات الخالق وهو من أبسط البديهيات حتى عند أضعف الناس عقولاً.

قطعنا الأخوة من معشر ** بهم مرض من كتاب الشفا

فماتوا على دين رسططالس** ومتنا على ملة المصطفى

على أن الحديث عن مذهب هؤلاء والرد عليهم مما يندر أن تجد فيه فائدة فقد قضت هذه الفلسفات وباد أهلها وإن كان قد خلفها ما هو اعظم ضلالاً وأقل إحكامًا.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير