تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالناس فى اللالتزام بمقاصد الشرع أصناف كما أن لكل صنف منهم أحوالاً؛ فمنهم كالخازن على بيت المال وفيهم نزل قوله تعالى ((ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة))، وقسم كالوكيل فى مال اليتيم إن استغنى عف وإن احتاج أكل بالمعروف كما جاء فى الحديث الشريف (إن الأشعريين إذا أرملوا فى الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم فى ثوب واحد ثم قسموه بينهم فى إناء واحد فهم منى وأنا منهم) فكيف بحال هؤلاء فى معاملاتهم وإعطائهم الناس حقوقهم؟ لا شك أنه يبالغون فى النصيحة لأنهم كالوكلاء للناس على أنفسهم.

أما القسم الثالث فهم أصحاب الحظوظ لكنهم أخذوها من حيث أذن لهم فيها وعلامتهم الانكفاف إذا طلب منهم ذلك.

وقسم قصر عن ذلك أو تردد بينه وبين الوقوع فى حدود الله.

وإذا كانت الشريعة كلية عامة فإن كل طبقة منها داخلة تحت قاعدة كلية ثم يشمل ذلك القاعدة الكلية الكبرى وهى حفظ الكليات وما يتضمنه ذلك من صلاح العالم ودرء الفساد عنه.

2 - أن الشريعة جارية فى التكليف بمقتضاها بين الرفق والحزم على الطريق الوسط الأعدل، الآخذ من كل طرف بقسط، الداخل تحت قدرة العبد وكسبه من غير مشقة ولا انحلال، فإن كان فى التشريع ميل ظاهر إلى جهة فذلك فى مقابل واقع أو متوقع.

وليس معنى الإلزام فى الفقه الإسلامى قهر المكلف على اتباع الشريعة بدعوى أن الشرع جاء ناقلاً عن الأصل، ذلك أن الإلزام إنما شرع كى تستقيم النفوس على أمر الله تعالى، وهذا يتطلب إلى جانب الحزم ضروبًا من الرفق والمسامحة كما يتضح من:اعتبار الشرع حظوظ المكلف، والتدرج فى التشريع، ورفع الحرج عن المكلفين، وتلافى الخطأ الذى أوقعوا فيه أنفسهم، وتشريع التوبة والكفارات، ومصاحبة الرفق المكلف حتى إذا فصد بنفسه الإعنات ...

3 - أن الإلزام بالأحكام الأخلاقية ليس على درجة واحدة كما أن ذلك التدرج راجع إلى عوامل مختلفة، فدرجة الإلزام كما أن لها علاقة مطردة بالقيمة الأخلاقية فإن لها علاقات أخرى كالعلاقة المنعكسة بالباعث الطبيعى وهو ما يتضح من تفريق الشريعة بين ما كان للمكلف فيه حظ عاجل كقيامه بمصالح نفسه وما يلحق به من معاملات، فهذا لما كان الباعث فيه طبيعيًا ولم يكن له معارض لم يؤكد فيه الطلب بل جاء على الجملة مندوبًأ فالإلزام هنا كالحوالة على الداعى والباعث الطبيعى، فإن لم يكن فيه حظ ونازعه باعث طبيعى كالقيام بحقوق الغير أوجبه الشرع عينيًأ أو كفائيًأ وتأكد الطلب فى حقه.

****

هذا خلاصة ما تحصل لى وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير