تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بيده دونها قال أصحابه المعنى المؤثر في إفساد النكاح مختص به الزوج الثاني، سواء فيه واطأهما أو أحدهما أو تفرد بذلك ونوى الإحلال والطلاق أخذ عليه أجرا أم لم يأخذ، فإذا لم يواطئ الزوج الثاني ولا نوى فهو نكاح رغبة ويحلها، وإن كان الزوج الأول والمرأة قد تواطآ على ذلك أو دسا إليه أن يتزوجها أو بذلا له مالا كل ذلك غير مؤثر، سواء علم بالطلاق الأول أم لا. وقال الحسن والنخعي وغيرهما: إذا هم أحد الثلاثة فهو نكاح محلل، ويروى ذلك عن ابن المسيب ولفظ إبراهيم النخعي إذا كانت نية أحد الثلاثة الزوج الأول أو الزوج الثاني أو المرأة أنه محلل فنكاح هذا الأخير باطل ولا تحل للأول، ووجه هذا أن المرأة إذا نكحت الرجل وليست هي راغبة فيه فليست هي ناكحة كما تقدم، بل هي مستهزئة بآيات الله متلاعبة بحدود الله، وهي خادعة للرجل ماكرة به، وهي إن لم تملك الانفراد بالفرقة فإنها تنوي التسبب فيه على وجه تحصل به غالبا بأن تنوي الاختلاع منه وإظهار الزهد فيه وكراهته وبغضه، وذلك مما يبعثه على خلعها أو طلاقها، ويقتضيه في الغالب، ثم إن انضم إلى ذلك أن تنوي النشوز عنه، وفعل ما يكره لها، وترك ما ينبغي لها، فهذا أمر محرم وهو موجب للفرقة في العادة، فأشبه ما لو نوت ما يوجب الفرقة شرعا، وإن لم تنو فعل محرم ولا ترك واجب، فهي ليست مريدة له، ومثل هذه في مظنة أن لا تقيم حدود الله معه، ولا يلتئم مقصود النكاح بينهما، فيفضي إلى الفرقة غالبا، وأيضا فإن النكاح عقد يوجب المودة بين الزوجين والرحمة كما ذكره الله سبحانه في كتابه، ومقصوده السكن والازدواج، ومتى كانت المرأة من حين العقد تكره المقام معه وتود فرقته لم يكن النكاح معقودا على وجه يحصل به مقصوده. وأيضا فإن الله سبحانه قال {فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله} فلم يبح إلا نكاحا يظن فيه أن يقيم حدود الله ومثل هذه المرأة لا تظن أن تقيم حدود الله؛ لأن كراهيتها له تمنع هذا الظن، ولأن المرأة تستوفي منافع الزوج بالنكاح كما يستوفي الرجل منافعها، وإذا كانت إنما تزوجت لتفارقه وتعود إلى الأول لا لتقيم معه لم تكن قاصدة للنكاح ولا مريدة له، فلا يصلح هذا النكاح على قاعدة إبطال الحيل، وأما نية المطلق ثلاثا فيشبه والله أعلم أن يكون هؤلاء التابعون إنما قالوا إنه يكون النكاح بها تحليلا، إذا كان هو الذي يسعى في النكاح، فأراد بذلك أن تختلع المرأة بعد ذلك من زوجها، فإن هذا حرام لما أنه خدع رجلا مسلما، وهو قد سعى في عقد يريد إفساده على صاحبه، أو يشبه ما لو كان قد زوجها من عبده، يريد أن يملكها إياه، وهي لم تشعر بذلك، ثم يحتمل أنهم أرادوا أن النكاح باطل في حق الأول، بمعنى أنها لا تحل أن تعود إلى الأول بمثل هذا النكاح؛ لأنه قصد تعجيل ما أجله الله فيعاقب بنقيض قصده، وقد يشبه هذا ما لو تسبب رجل في الفرقة بين رجل وامرأته ليطلقها، إما بأن يخببها عليه حتى تبغضه وتختلع منه، أو يشينها عنده ببهتان أو غيره حتى يطلقها، أو أن يقتله ونحو ذلك. فيقال: إن الفرقة واقعة ولا تحل لذلك المفرق بينهما كما لو طلقها في مرض موته، أو فعل الوارث بامرأة موروثة ما يفسخ نكاحه، وليس له زوجة غيرها، فإن ذلك لا يسقط حقها من الميراث، ولا يبيح للورثة أخذه، وهذا كما يقوله في إحدى الروايتين أن الرجل إذا استام على سوم أخيه أو ابتاع على بيع أخيه أو خطب على خطبة أخيه أن عقده باطل، فإذا كان صاحب هذا القول يبطل عقد من زاحم غيره قبل أن يعقد فلأن يبطل عقد من تسبب في فسخ عقد الأول أولى. وكذلك الزوج المطلق ثلاثا، متى نوى التحليل، أو سعى فيه لم تحل له المرأة بذلك، وهذا قالوا إذا كانت نية أحد الثلاثة أنه محلل، فنكاح هذا الأخير باطل، ولا تحل للأول، وهذا إنما يقال فيمن له فعل في النكاح الثاني، أما إذا لم يوجد من المطلق الأول فعل أصلا وقد تناكح الزوجان نكاح رغبة من كل منهما والأول يجب أن يطلقها هذا فطلقها أو مات عنها فهذا أقصى ما يقال إنه متمن محب وليس بناو فإن نية المرء إنما تتعلق بفعله. وما تعلق بفعل غيره فهو أمنية. وأيضا فإن المطلق الأول كان يحرم عليه التصريح والتعريض بخطبتها في عدتها منه. وذلك بعد عدتها منه أشد وأشد فيكونون قد حرموها على الأول؛ لأنه خطبها أو تشوق إليها في وقت لا يحل له ذلك، وهذا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير