تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يا رسول الله إني لأنفضها نفض الأديم ولكنها ناشز تريد رفاعة، فقال رسول الله: فإن كان ذلك لم تحلين له، ولم تصلحين له، حتى يذوق عسيلتك، قال وأبصر معه ابنين له، فقال أبنوك هؤلاء، قال نعم، قال: هذا الذي تزعمين فوالله لهم أشبه به من الغراب بالغراب}، قال أبو بكر البرقاني: هكذا رواه البخاري مرسلا عن بندار، وكذلك رواه حماد بن زيد ووهب عن أيوب مرسلا، وقد أسنده سويد بن سعيد عن عبد الوهاب الثقفي فقال فيه عن ابن عباس أن رفاعة طلق امرأته فتزوجها عبد الرحمن بن الزبير، وذكر الحديث وقد رواه الإمام أحمد في المسند بإسناد جيد عن عبد الله بن العباس {قال جاءت الغميصاء أو الرميصاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشكو زوجها، وتزعم أنه لا يصل إليها، فما كان إلا يسيرا حتى جاء زوجها فزعم أنها كاذبة ولكنها تريد أن ترجع إلى زوجها الأول، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس لك ذلك حتى يذوق عسيلتك رجل غيره} ففي حديث ابن عباس وأخيه {أنها شكت زوجها قبل أن يطلقها، وزعمت أنه لم يصل إليها وطلبت فرقته لذلك، فكذبها وأخبر أنه إنما بها مراجعة الأول وأنها ناشز غير مطيعة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كان كذلك لم تحلين للأول حتى يذوق عسيلتك، يريد والله أعلم أني قادر على وطئها وجماعها وأن أنفضها نفض الأديم لكنها ناشز لا تمكنني، فإنها تريد رفاعة، فلذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحلين له حتى تذوقي عسيلته، فطلقها ولم تذق العسيلة} أو أنها لما ادعت عدم الوطء كانت معترفة بأنها لم تحل للأول فلم تجعل حلالا بدعوى الزوج أنه وطئها إذا كانت هي معترفة بما يوجب التحريم، لكن حديث مالك عن ولد عبد الرحمن يدل على أنه كان معرضا عنها. وحديث ابن عباس يقتضي دعواه إما التمكين من وطئها أو فعل الوطء فعلى حديث ابن عباس يكون قد جاءت النبي صلى الله عليه وسلم قبل الطلاق ثم جاءته بعده، وعبد الرحمن إما أنه كان معترضا عنها كما أخبرت أو كانت ناشزا عنه كما أخبر، وبكل حال فهذا يدل على الرغبة التامة في مراجعة الأول فإنها تكون قد جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم قبل الطلاق وبعده مرتين أو أكثر، ثم جاءت الخليفتين ومن يصدر عنها مثل هذه الأحوال يغلب على الظن حرصها على مراجعتها حين العقد. فأقل ما قد كان ينبغي لو كان مؤثرا أن يقال لها إن كنت وقت العقد كنت مريدة له لم يجز أن ترجعي إليه بحال، فلما لم يفصل النبي صلى الله عليه وسلم مع ظهور هذا القرار علم أن الحكم لا يختلف، وأيضا فإنها وإن كانت تحب مراجعة الأول، فالمرء لا يلام على الحب والبغض، وإنما عليها أن تتقي الله سبحانه في زوجها وتحسن معاشرته وتبذل حقه غير متبرمة ولا كارهة، فإذا نوت هذا وقت العقد فقد نوت ما يجب عليها. فإذا نوت فعل ما لا يحل مما لا يوجب طلاقها فسيأتي ذكر هذا، وأما اختلاع المرأة وانتزاعها من بعلها فقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ونحن وإن قلنا نية المرأة أو المطلق لا تؤثر: فلا يحل لواحد منهما أن يفعل ما حرمه الشارع من إفساد حال المرأة على زوجها ونحو ذلك، وليس لها أن تتزوج به إلا إذا كانت تظن أن تقيم حدود الله سبحانه معه. وتعتقد أنه إن شاء أمسك وإن شاء طلق. وأنه إذا لم يطلق أطاعته ولم تنشز عنه.

ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[10 - 01 - 09, 01:50 ص]ـ

والكلام في هذا الموضع يظهر بيان حال المرأة في النية، وهي مراتب:

الأولى:

أن تنوي أن هذا الزوج الثاني إن طلقها أو مات عنها أو فارقها بغير ذلك تزوجت بالأول، أو ينوي المطلق ذلك أيضا فينوي أن هذا الثاني إن طلقها أو فارقها بغير ذلك تزوجها، فهذا قصد محض لما أباحه الله لم يقترن بهذا القصد فعل منها في الفرقة، وإنما نوت أن تفعل ما أباحه الله إذا أباحه الله فقد قصدت فعلا لها معلقا على وجود الفرقة، وصار هذا مثل أن ينوي الرجل أن فلانا إن طلق امرأته أو مات عنها تزوجها، أو تنوي المرأة التي لم تطلق أنها إن فارقها هذا الزوج تزوجت بفلان، أو يبيع الرجل سلعته لحاجته إليها وينوي أن المشتري إن باعها فيما بعد اشتراها منه إن قدر على ثمنها. أو ينوي أنه إن أعتق الجارية المبيعة تزوج بها، فهذه الصور كلها لم تتعلق بهذا العقد ولا بفسخه فلم تؤثر فيه، وإنما تعلقت بفعل لها إن رفع العقد أو قصد صاحبه رفعه. فلهذا لم يشترط أن يكون

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير