[لقائي بالعلامة المحدث محمد عمرو عبد اللطيف]
ـ[أبو شهاب الأزهري]ــــــــ[06 - 08 - 04, 09:22 م]ـ
إخواني الكرام ..
سلامٌ من الله عليكم ورحمته وبركاته،
هاكم تفاصيل لقائي بالشيخ محمد عمرو عبد اللطيف - أسأل الله عز وجل أن يحفظه وينفعنا بعلمه - ...
اتصلت بالشيخ يوم الثلاثاء الموافق 29 أغسطس 2004 - وكنت قد حصلت على نمرة الشيخ من أحد الإخوان الكرام وحاولت الاتصال به أكثر من مرة ولكن آلت كل المحاولات بالفشل - ولكن هذه المرة بالفعل تحدثت للشيخ محمد عمرو .. ولا أستطيع وصف سعادتي حينما تحدثت لهذا الرجل.
في البداية كان حذراً، لأنه لا يعرفني وأخذت أعدد له الأشخاص الذين أعرفهم وهم على صلةٍ به، ومنهم الشيخ إبراهيم الصبيحي صاحب كتاب (النكت الجياد المنتخبة من كلام شيخ النقاد) وهو من تلاميذ الشيخ محمد عمرو وقد التقيت بالشيخ إبراهيم مرات عديدة بدار التأصيل.
وفي أثناء حديثي مع الشيخ محمد عمرو، ذكرت له ملتقانا المبارك وما فيه من أخبار عن فضيلته، وذكرت له بالأخص ما ذكر عنه في أحد المواضيع السابقة أنه كان يحفظ صحيح الجامع أثناء محاضرات الجامعة. فاشتدت لهجته في الحديث وقال لي: ((هذا خطأ، ما كتب عني خطأ!! ليته كان سب أو شتم!)) قلت: هذا من ورعه حفظه الله، اللهم ارزقنا الورع والتقى والعفاف والغنى.
وطلبت من الشيخ أن التقي به، فقال لي تعال صلاة الجمعة (30 أغطسطس) بمسجد كذا مع الشيخ إبراهيم، وكأني حزنت لما قال لي يوم الجمعة، فكنت أود أن التقي به قبل الجمعة. قال لي: ((متزعلش، لا يوجد مناسبة أفضل من يوم الجمعة)).
وبالفعل يوم الجمعة ذهبت للمسجد الذي وصفه لي الشيخ محمد عمرو، وحينما وصلت لقيت أحد إخواننا الكرام ممن يحضرون دروس الشيخ طارق بن عوض الله، وهو أيضاً من تلاميذ الشيخ محمد عمرو، فعرفت أن لست الوحيد الذي ذهب للقاء الشيخ ... وقبل انتهاء الخطبة بقليل، فإذا بالأخ ينظر لشيخ يدخل من باب المسجد وضع حذاءه ثم وقف بالصف الأول وصلى تحية المسجد. حينئذٍ علمت أن هذا هو الشيخ محمد عمرو عبد اللطيف! والشيخ مريض بالسكر ولا يتحمل الجلوس بالمسجد طوال هذه المدة، فيأتي قبل انتهاء الخطبة ويصلي بالصف الأول فمكانه محفوظ دائماً كما عملت من الشيخ إبراهيم. لقيت الشيخ إبراهيم بعد الصلاة وجلست معه انتظر الشيخ محمد عمرو حتى ينتهى من نافلته، وبعد ان انتهى حفظه الله وقفت أن ومن ينتظره من الإخوان صفاً خلفه وهو جالس على الأرض .. اقترب منه هذا الأخ (الذي يحضر درس الشيخ طارق) وإذا بالشيخ يقول له بحدة: ((امشي، امشي ... )) ويشير بيده. فكان الشيخ ينصح أحد المصلين حول كيفية الصلاة ولم يرد أحد قريباً منه وهو ينصح الأخ.
وبعد ذلك ذهبنا إليه، فأخذ كل واحد منهم يسلم عليه وكنت أرهبه حتى كانت عندي الشجاعة الكافية فهممت إليه أسلم عليه وكنت على وشك تقبيل يده، فإذا به ينزع يده من يدي بقوة، ويشد يدي نحوه قائلاً: ((تحب أنا اللى أبوس)). أصابني ذهول من حزمه، ثم تركني وترك المسجد. وذهب لشراء بعض الفاكهة. أثناء هذا، كان الشيخ إبراهيم مشغولاً مع أحد الإخوان في أمرٍ ما .. فبعد أن انتهى الشيخ إبراهيم أخذني إلى الشيخ محمد عمرو بعد ان انتهى من شراء حاجته .. فسلم على الشيخ، والشيخ سلم عليه وكانت علامات الحب ظاهرة في وجه الشيخ محمد عمرو إيذاء الشيخ إبراهيم .. وسئله عن حاله وحال أولاده .. ثم قال له الشيخ إبراهيم: هذا أحمد الأزهري الذي اتصل بك يا شيخ. قال له: لا بجد؟؟ قال الشيخ إبراهيم: نعم هو، فقال له الشيخ محمد مازحاً: طيب يا أخي ما ترفع لنا عنه الجهالة؟ تضمنه. قال له: نعم أضمنه أكثر من نفسي (وهذه الجملة جميل أحمله للشيخ إبراهيم فوق رأسي طيلة عمري). فأخذني من يدي الشيخ محمد عمرو وتمشينا سوياً كان عندي أسئلة كثيرة ولكن من سعادتي ما استطاع لساني أن يتحرك كثيراً، ثم جلس معي وسألته عن حديث معقل بن يسار الذي أخرجه الطبراني والبيهقي من طريق شداد بن سعيد (لأن يطعن أحدكم بمخيط من حديد في رأسه ... ) قلت له يا شيخ هذا الحديث ورد في موضع آخر عن عقبة بن بشير موقوفاً بلفظ مختلف .. فهل رواية شداد بن سعيد شاذة؟ قال لي: رواية الطبراني والبيهقي ضعيفة .. قلت له الشيخ الألباني حسنها .. قال لي: أعرف أنه حسنها، ولكنها رواية معللة .. و ((نادراً ما يتفرد الطبراني أو بيهقي بحديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم)).
ثم أخذني من يدي مرةً اخرى وتمشينا حتى وصلنا إلى سيارة أحد تلاميذه يقوم بتوصيله لشراء حاجاته يوم الجمعة، فقال لي الشيخ: تعال معنا .. وجلست معهم في السيارة وكنا خمسة. كان التعب والاجهاد واضح على الشيخ وكان قليل الحديث ... ووتبعنا أخين جاءا من السويس (على أغلب ظني) حتى وصلنا إلى متجر دخله الشيخ ليرتاح .. وبعد أن خرج بارده هذين الأخين فطلبا منه أن يطلبا العلم على يده، فرفض، فألحا .. فرفض، فألحا .. فقال للمتحدث منهم: ((خليني احترمك)) .. فقال له الأخ: ((طيب يا شيخ لو نريد أن نسئلك سؤال)) - حسب ما سمعت -، قال الشيخ: تعال الجمعة القادمة.
ثم استكمل الشيخ مشاويره، ثم ذهبنا إلى منزله وحملنا متاعه، ودخلنا البيت .. ورأيت جزء من مكتبة الشيخ، وهي مكتبة كبيرة جداً - ما شاء الله لا قوة إلا بالله - فلله دره. وبعد أن تركنا المتاع طلب من أحد الإخوان أن يبتاع منه عسلاً، فالشيخ يبيعه، فقال له: عندي عسل برسيم .. قال له الأخ: تمام. فأتي له الشيخ بالعسل ثم كل منا قبل رأس الشيخ وهو مبتسم وذهبنا.
وهذا كان لقائي بالشيخ المحدث محمد عمرو عبد اللطيف، أسأل الله عز وجل أن يتكرر لقائي به وأن ينفعني بعلمه. وأقول: من لا يعرف الشيخ قد يظن أن الشيخ عصبي أو سريع الغضب، ولكن أقول قول من شاهد الشيخ .. الشيخ لا يبغض أحداً، بل هو من أطيب الناس ويشهد على ذلك من يعرفه عن قرب وقد شعرتها في أكثر من مرة أثناء اللقاء .. ولكن هي شدة حزمه، فلله دره.
وأخيراً، الشيخ إبراهيم الصبيحي يبشر رواد الملتقى بنشر مقالات وأبحاث له حول منهج المتقدمين عن قريب إن شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم أبو شهاب الأزهري
¥