تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما بالنسبة للنوع الثاني فهناك علة لم يذكرها , وهي سبب تكفيره , فإن كان ـ مثلا ـ يعتقد حرمته ولكنه يكره هذا الحكم في تحريمه فيأكله , فهذا كفر مخرج من الملة ,

وقال الشيخ سليمان العلوان ـ فك الله أسره وحفظه ـ ما نصه: وهذا بإتفاق العلماء كما نقل في الإقناع وغيره ,

وبغض شيء مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم , سواء كان من الأقوال أو الأفعال نوع من أنواع النفاق الإعتقادي الذي صاحبه في الدرك الأسفل من النار.

قلت: أنا أعني أن هناك علة من هذا الفعل , يجب طرح سؤال ما قبل الحكم بتكفيره , لماذا أكل الربا مع علمه بحرمته؟

وقال حفظه الله: قال الله تعالى حاكما بكفر من كره ما أنزل على رسوله: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ - ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) (محمد: 8 - 9)

فالله ـ جل وعلا ـ أحبط أعمالهم , وجعلها هباء منثورا , بسبب كراهيتهم ما أنزل على رسوله من القرآن الذي جعله الله فوزا وفلاحا للمتمسكين به , المؤتمرين بأمره , المنتهين عن نهيه.

وكل من كره ما أنزل الله , فعمله حابط , وإن عمل بما كره , كما قال تعالى ـ: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) (محمد: 28)

وهذا من أعظم ما يخيف المسلم: أن يكون كارها لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.

وقد يكمن هذا في النفس , ولا يشعر به إلا بعد برهة من عمره , ولذلك ينبغي الإكثار من قوله: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك). لان القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء ,

ومما ينبغي التنبيه عليه أن كثيرا من الناس قد تبين له منكرا ما , فيرفض القبول , ولا يقبل ما تقول , خصوصا عند ارتكابه , فهذا لا يطلق عليه أنه مبغض لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم دون تفصيل , لأنه قد لا يقبل الحق الذي جئته به , لا لأنه حق , ولكن لسوء تصرفك في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , فلو جاءه غيرك , وبين له نفس المنكر , لقبل وانقاد , أو أنه لا يقبل منك لما بينك وبينه من شيء ما , فهذا لايسمى مبغضا لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.

وهناك من الناس من يلزم صاحب المعصية بما لا يلزم , فيلزم حالق اللحية ومسبل الإزار وشارب الخمر مثلا وغيرهم ببغض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الأمر بإعفاء اللحية وعدم الإسبال والنهي عن شرب الخمر , فيقال لهم: لولا أنكم تبغضون ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم , لما فعلتم هذه المنكرات. أ. هـ من كتاب شرح نواقض الإسلام للشيخ سليمان العلوان.

وقال الشيخ عبد العزيز العبد اللطيف في كتابه نواقض الإيمان القولية والفعلية: وقد فصل ابن تيمية هذه المسألة تفصيلا شافيا فقال: إن العبد إذا فعل الذنب مع اعتقاد أن الله حرمه عليه , واعتقاد انقياده لله فيما حرمه وأوجبه , فهذا ليس بكافر , فأما إن اعتقد أن الله لم يحرمه , أو أنه حرمه , لكن امتنع من قبول هذا التحريم و أبى أن يذعن لله وينقاد فهو إما جاحد أو معاند , ولهذا قالوا: من عصى الله مستكبرا كإبليس كفر بالإتفاق , ومن عصى مشتهيا لم يكفر عند أهل السنة والجماعة , وإنما يكفر عند الخوارج , فإن العاصي المستكبر وإن كان مصدقا بأن الله ربه , فإن معاندته له ومحادته تنافي هذا التصديق.

ثم قال شيخ الإسلام رحمه الله: وبيان هذا أن من فعل المحارم مستحلا فهو كافر بالإتفاق , فإنه ما آمن بالقرآن من استحل محارمه , وكذلك لو استحلها من غير فعل , والإستحلال اعتقاد أن الله لم يحرمها , وتارة بعدم اعتقاد أن الله حرمها , وهو يكون لخلل في الإيمان بالربوبية , ولخلل في الإيمان بالرسالة , ويكون جحدا محضا غير مبني على مقدمة , وتارة يعلم أن الله حرمها , ويعلم أن الرسول إنما حرم ما حرمه الله , ثم يمتنع عن التزام هذا التحريم ويعاند المحرم , فهذا أشد كفرا ممن قبله , وقد يكون هذا مع علمه أن من لم يلتزم هذا التحريم عاقبه الله وعذبه.

ثم قال شيخ الإسلام رحمه الله: ثم إن هذا الإمتناع والإباء , إما لخلل في اعتقاد حكمة الآمر وقدرته , فيعود هذا إلى عدم التصديق بصفة من صفاته , وقد يكون مع العلم بجميع ما يصدق به تمردا أو اتباعا لغرض النفس , وحقيقته كفر , هذا لأنه يعترف لله ورسوله بكل ما أخبر به , ويصدق بكل ما يصدق به المؤمنون , لكنه يكره ذلك , ويبغضه ويسخط لعدم موافقته لمراده ومشتهاه , ويقول أنا لا أقر بذلك , ولا التزمه , وابغض هذا الحق وأنفر عنه , فهذا نوع غير النوع الأول , وتكفير هذا معلوم بالإضطرار من دين الإسلام , والقرآن مملوء من تكفير مثل هذا النوع ,,, (الصارم المسلول ص 521). أ. هـ. من الكتاب الرائع الماتع نواقض الإيمان للشيخ عبد العزيز العبداللطيف

هذا والله اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير