وقال ابن تيمية في ختان الأنثى: "ختانها أن تقطع أعلى الجلدة التي كعرف الديك" [الفتاوى الكبرى، ابن تيمية].
ووافق هذا التعريف محمد علي البار بقوله: "الختان هو أخذ القلفة التي تكون على القضيب، أو الغشاء الذي يكون على بظر الأنثى" [الأمراض الجنسية، محمد علي البار]، وأيضاً د. محمد بن محمد المختار الشنقيطي في جراحة الختان: "وهي الجراحة التي يقصد منها قطع الجلدة التي تغطي الحشفة (رأس الذكر) بالنسبة للرجال، أو قطع أدنى جزء من جلدة أعلى الفرج بالنسبة للنساء" [أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها، الباب الثاني، الفصل الأول، المذهب الرابع].
وذكر د. حامد رشوان وغيره من الأطباء أن "خفاض السنة يعني قطع الجلدة، أو الغلفة التي تغطي البظر" [أسباب محاربة الخفاض في السودان، د. عبد السلام وجريس ود. آمنة الصادق بدري].
وبهذا يتضح أن ختان الأنثى في الشرع مثل ختان الذكر، وهو قطع القلفة التي تغطي الحشفة عند الذكر، وتغطي البظر عند الأنثى.
ثانياً: الأصل في مشروعية الختان وكيفيته:
(أ) الأحاديث الواردة في الختان عموماً للذكور والإناث معاً منها:
1. ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رواية: ((الفطرة خمس أو خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، ونتف الإبط، وتقليم الأظافر، وقص الشارب)) [فتح الباري، 10/ 349 كتاب اللباس، وصحيح مسلم، شرح النووي 3/ 146].
2. ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عزّ وجل: (وإذ ابتلى إبراهيمَ ربُّه بكلمات فأتمهن .. ) [سورة البقرة: 124]، قال: ((ابتلاه الله بالطهارة، خمس في الرأس وخمس في الجسد، في الرأس: قص الشارب والمضمضة والاستنشاق والسواك وفرق الرأس، وفي الجسد تقليم الأظافر وحلق العانة والختان ونتق الإبط وغسل مكان الغائط والبول بالماء)) [المستدرك للحاكم 2/ 266. وقال على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى]. هذه النصوص تدل على أن الختان من خصال الفطرة وهو عام في الذكور والإناث معاً، ولم يرد نص بتخصيصه في الذكور فقط.
(ب) الأحاديث والآثار الواردة في ختان الإناث خاصة:
1. عن أم عطية الأنصارية أن امرأة كانت تختن بالمدينة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تنهكي فإنه أحظى للمرأة وأحب إلى البعل)) [أخرجه أبو داود في كتاب الأدب 4/ 368 حديث رقم 5271]. قال أبو داود الحديث ضعيف برواية محمد بن حسان الكوفي، وهو ضعيف، وقد ورد هذا الحديث برواية العلاء بن العراء وهو صحيح الإسناد، وقد أخرجه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة تحت الرقم (922).
2. وللحديث شاهدان من حديث أنس، ومن حديث أم أيمن عند أبي الشيخ في كتاب العقيقة، وآخر عن الضحّاك بن قيس [خصال الفطرة، رسالة ماجستير، الأستاذة فاطمة كرار]. وجاء في المستدرك للحاكم قوله عليه الصلاة والسلام: ((اخضبن غمساً وأخفضن ولا تنهكن))، وهو صحيح وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد وأورده الطبراني.
ومن الشواهد التي تقوي حديث أم عطية أيضاً رواية البخاري في الأدب المفرد عن أم مهاجر رضي الله عنها قالت: ((أسرت ونساء من الروم، فعرض علينا عثمان بن عفان الإسلام، فأسلمت وجارية، فقال اخفضوهما أو طهروهما قال فطهرنا، وكن نخدم عثمان رضي الله عنه)).
أما تضعيف ابن المنذر للأحاديث الواردة في الختان بقوله: "ليس في الختان خير يرجع إليه ولا سنة تتبع" [نيل الأوطار للشوكاني، 1/ 138] تدحضه رواية العلاء بن العراء وجملة الأحاديث والشواهد المذكورة التي تقوي رواية محمد بن حسان الكوفي التقريرية، فقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم ختن الإناث، ولم يمنع الخاتنة من الختن، وأمرها بالإشمام أي القطع من أعلى فقط، ونهاها عن الإنهاك أي ألاّ تبالغ في القطع. وقد قال ابن قيم الجوزية: "وفي الحديث ما يدل على الأمر بالإقلال من القطع" [تحفة المودود بأحكام المولود، ابن القيم].
ثالثاً: حكم الختان وأقوال أهل العلم فيه:
ذكر أهل العلم في حكم الختان ثلاثة أقوال:
القول الأول: الختان واجب على الذكر والأنثى، وهو الصحيح المشهور عند الشافعية والحنابلة وابن تيمية وابن قيم الجوزية. قال الشافعية هو واجب، وقال عطاء: "لو أسلم الكبير لم يتم إسلامه حتى يختن". وقالوا إن للرجل إجبار زوجته المسلمة عليه كالصلاة، واستدلوا على الوجوب بالآتي:
¥