تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم [لقمان: 7]

قال الواحدى وغيره: أكثر المفسرين: على أن المراد بلهو الحديث: الغناء قاله ابن عباس في رواية سعيد بن جبير ومقسم عنه وقاله عبدالله بن مسعود في رواية أبي الصهباء عنه وهو قول مجاهد وعكرمة

وروى ثور بن أبي فاختة عن أبيه عن ابن عباس في قوله تعالى: ومن الناس من يشتري لهو الحديث [لقمان: 7] قال: هو الرجل يشتري الجارية تغنيه ليلا ونهارا

كتاب إغاثة اللهفان، الجزء

وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد: هو اشتراء المغني والمغنية بالمال الكثير والاستماع إليه وإلى مثله من الباطل وهذا قول مكحول

وهذا اختيار أبي إسحاق أيضا

وقال: أكثر ما جاء في التفسير: أن لهو الحديث ههنا هو الغناء لأنه يلهى عن ذكر الله تعالى

قال الواحدي: قال أهل المعاني: ويدخل في هذا كل من اختار اللهو والغناء والمزامير والمعازف على القرآن وإن كان اللفظ قد ورد بالشراء فلفظ الشراء يذكر في الاستبدال والاختيار وهو كثير في القرآن قال: ويدل على هذا: ما قاله قتادة في هذه الآية: لعله أن لا يكون أنفق مالا قال: وبحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق

قال الواحدي: وهذه الآية على هذا التفسير تدل على تحريم الغناء ثم ذكر كلام الشافعي في رد الشهادة بإعلان الغناء

قال: وأما غناء القينات: فذلك أشد ما في الباب وذلك لكثرة الوعيد الوارد فيه وهو ما روي أن النبيقال: من استمع إلى قينة صب في أذنيه الآنك يوم القيامة الآنك: الرصاص المذاب

وقد جاء تفسير لهو الحديث بالغناء مرفوعا إلى النبي

ففي مسند الإمام أحمد ومسند عبدالله بن الزبير الحميدي وجامع الترمذي من حديث أبي أمامة والسياق للترمذي: أن النبيقال: لا تبيعوا القينات ولا تشتروهن ولا تعلموهن ولا خير في تجارة فيهن وثمنهن حرام في مثل هذا نزلت هذه الآية: ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله [] وهذا الحديث وإن كان

كتاب إغاثة اللهفان، الجزء 1، صفحة 239.

مداره على عبيدالله بن زحر عن علي بن يزيد الإلهانى عن القاسم فعبيد الله بن زحر ثقة والقاسم ثقة وعلي ضعيف إلا أن للحديث شواهد ومتابعات سنذكرها إن شاء تعالى ويكفي تفسير الصحابة والتابعين للهو الحديث: بأنه الغناء فقد صح ذلك عن ابن عباس وابن مسعود

قال أبو الصهباء: سألت ابن مسعود عن قوله تعالى: ومن الناس من يشتري لهو الحديث فقال: والله الذي لا إله غيره هو الغناء يرددها ثلاث مرات

وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضا أنه الغناء

قال الحاكم أبو عبدالله في التفسير من كتاب المستدرك: ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين: حديث مسند

وقال في موضع آخر من كتابه: هو عندنا في حكم المرفوع

وهذا وإن كان فيه نظر فلا ريب أنه أولى بالقبول من تفسير من بعدهم فهم أعلم الأمة بمراد الله عز وجل من كتابه فعليهم نزل وهم أول من خوطب به من الأمة وقد شاهدوا تفسيره من الرسولعلما وعملا وهم العرب الفصحاء على الحقيقة فلا يعدل عن تفسيرهم ما وجد إليه سبيل ولا تعارض بين تفسير لهو الحديث بالغناء وتفسيره: بأخبار الأعاجم وملوكها وملوك الروم ونحو ذلك مما كان النضر بن الحارث يحدث به أهل مكة يشغلهم به عن القرآن فكلاهما لهو الحديث ولهذا قال ابن عباس: لهو الحديث: الباطل والغناء

فمن الصحابة من ذكر هذا ومنهم من ذكر الآخر ومنهم من جمعهما

والغناء أشد لهوا وأعظم ضررا من أحاديث الملوك وأخبارهم فإنه رقية الزنا ومنبت النفاق وشرك الشيطان وخمرة العقل وصده عن القرآن أعظم من صد

غيره من الكلام الباطل لشدة ميل النفوس إليه ورغبتها فيه

إذا عرف هذا فأهل الغناء ومستمعوه لهم نصيب من هذا الذم بحسب اشتغالهم بالغناء عن القرآن وإن لم ينالوا جميعه فإن الآيات تضمنت ذم من استبدل لهو الحديث

كتاب إغاثة اللهفان، الجزء 1، صفحة 240.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير