تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والذي يترجح من الأدلة هو قو ل الجمهور بأن أفضلية الصحابة على الأفراد وذلك لقوة الدليل، كما أن هذا فضل الله يؤتيه من يشاء فلا يقاس عليه. يشاء فلا يقاس عليه. وسبق لهم من الفضل على لسان نبيهم ما ليس لأحد بعدهم، قال ابن مسعود رضي الله عنه": إن الله نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وآله وسلم خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه، فما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، وما رأوا سيئا فهو عند الله سيئ. [20] "

وقد قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (التوبة:119) قال غير واحد من: هم أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

وصدق فيهم وصف ابن مسعود رضي الله عنه حيث قال: "من كان متأسيا فليتأس بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، وأقومها هديا، وأحسنها حالا، قوم اختارهم الله لصحبه نبيه وإقامة دينه فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوا آثارهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم."

وقد غلّظ جندب بن عبد الله رضي الله عنه القول عندما رأي من يفضل أحد من الناس على الصحابة فقال لفرقه دخلت عليه من الخوارج، فقالوا إنا ندعوك إلى كتاب الله، فقال: أنتم؟! قالوا: نحن، قال: أنتم؟! قالوا: نحن، فقال: يا أخابيث خلق الله في أتباعنا تختارون الضلالة، أم في غير سنتنا تلتمسون الهدى اخرجوا عنى [21]."

قال البيهقي في المفهم [22]:" أن من صحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ورآه ولو مرة من عمره، أفضل من كل من يأتي بَعدُ، وأن فضيلة الصحبة لا يعدلها عمل. وهو الحق الذي لا ينبغي أن يُصار لغيره، لأمور:

أولها: مزية الصحبة ومشاهدة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وثانيها: فضيلة السبق للإسلام.

وثالثها: خصوصية الذب عن حضرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

ورابعها: فضيلة الهجرة والنُصرة.

وخامسها: ضبطهم للشريعة

وسادسها: تبليغها لمن بعدهم.

وسابعها: السبق في النفقة في أول الإسلام.

وثامنها: أن كل خير وفضل وعلم وجهاد ومعروف فعل في الشريعة إلى يوم القيامة، فحظهم منه أكمل حظ، وثوابهم فيه أجزل ثواب؛ لأنهم سنُّوا سُنن الخير، وافتتحوا أبوابه، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم:" من سنَّ في الإسلام سُنة حسنة كان له أجرها وأجر نم عمل بها إلى يوم القيامة [23] " ولا شك في أنهم الذين سنُوا جميعَ السُنن، وسابقوا إلى المكارم، ولو عُدَّدت مكارهم، وفُسرت خواصهم، وحُصرت لملأت أسفاراً، ولكلّت الأعين بمطالعتها حيارى."

فللصحابة الكرام فضائل لا يشاركهم فيها أحد، فهم قد رأوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهم خير القرون بنص الحديث، وهم الواسطة بين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبين صحابته، وهم الصفوة التي أختارها الله لنبيه، وهم الذين قاوموا بنشر الدين فكل خير لهم فيه نصيب.

وأما ما أستدل به أصحاب القول الأول فهي عمومات ليس فيها دليل صريح يصلح في محل النزاع، وإليك مناقشتها:

أما بحديث أبي جمعة فالرواة لم تتفق على لفظه، فقد رواه بعضهم بلفظ الخيرية كما تقدم، ورواه بعضهم بلفظ أعظم منا أجراً، وقد ذكر ابن حجر إن إسناد هذه الرواية أقوى من إسناد الرواية المتقدمة، فيبطل الاستدلال.

وحديث عمر رضي الله عنه: "أتدرون أي أهل الإيمان أفضل إيمانا؟ ... " فهو لم حديث لم يثبت كما قرر ذلك ابن حجر في الفتح فلا يصلح للاحتجاج.

وحديث أبي هريرة رضي الله عنه: " وددت أنا قد رأينا إخواننا ... " لا يدل على أفضلية من أتى بعد الصحابة على الصحابة. ولا شك أن المراد بالأخوة هي أخوة الدين والإيمان؛ وهذه الأخوة عامة مشتركة لجميع المؤمنين، والصحابة أول من يدخل في هذه الأخوة؛ بل الحديث يدل على ميزة وفضل الصحابة فهم بالإضافة إلى أخوة الإيمان التي قررها الله عز وجل: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات: من الآية10) قد حازوا فضلاً زائداً وهو فضل الصحبة؛ فميزهم رسول الله عن غيرهم بشيء خاص بهم لا يشاركهم فيه أحد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير