يفعل حفظه الله , و قد دار بيني و بين الشيخ الوالد الكريم (عبد الفتاح الزيني صاحب مكتبة ابن تيمية) عن كيفية القراءة على المشائخ في مصر , فسألته عن الشيخ عمرو عبد اللطيف , فقال: الاخوة مساكين (يقصد المشائخ) و مستضعفون و هذا الفاضل _ يقصد المحدذ عمرو عبد اللطيف _ مريض و لا تستطيع أن تقرأ عليه , و لا يقبل , و هذا صعب , (الى آخر كلامه حفظه الله) ثم سألته: طيب كيف الحويني يفعل كل هذا للطلبة و التصنيف و التدريس و الخطابة؟ فقال (و هذا هو الشاهد): هذا يبذل ما لا يبذله أحد!
قلت (أبو وكيع): اعلموا أيها الاخوة أنه ما حملني على ذكر ما ذكرت الا حبي _ المتواضع بالنسبة لفضائل الشيخ _ للحويني , و رغبة في ذكر شيئا يسيرا مما رأيته و عاينته من محاسنه , و أيضا أن أذكر أن الشيخ لا يحتاج مني لمدح أو ذم , فانه يعلم قدر نفسه , و قد سمعته يبكي في بعض الأشرطة لمدح بعض الناس له في التقديم للشيخ قبل المحاضرة , و تجد ذلك مثلا لا حصرا في شريطي (العبودية - حب الصحابة) , و أذكر لكم حكاية عاينتها بنفسي , و هي أنني رأيته حفظه الله و قد جاء أخٌ من آخر المسجد و الشيخَ يقف مع بعض الطلبة في وسط المسجد يرد على أسئلتهم و استفساراتهم وهو يسير _ أي الشيخ _ الى باب المسجد حيث الخروج , فجاء هذا الجائي و سلم على الشيخ بصوت عال , فقطع الشيخ حديثه مع بعض الطلبة و ردَّ عليه السلام و هو مبتسم , ثم قال هذا الجائي: يا شيخ نحن نحضر للشيخ محمد حسان بالمنصورة و نراه يحدِّث عنك و يقول: حدثني شيخي أبو اسحق , فظن هذا القائل أن الشيخ سيفرح و يقول: نعم جزاك الله خيرا , و لكني _ أبا وكيع _ رأيت الشيخ بأم عيني توقف عن البسمة التي ارتسمت على وجهه الزاهر حال رد السلام , بل رأيته تغيَّر و لم تعد البشاشة تعلو وجهه حتى ركب سيارته و انصرف.
و ليعلم كل أخ لنا في الله , أنه تحدث الفرقة بين المشائخ بسبب الطلبة , كما حدَّث بذلك الحويني نفسه في بعض أشرطته , اذ أن المشائخ لا يتقابلون الا في القليل النادر , و لكن الأقاويل تكثر بين الطلبة بعضهم لبعض , فيضخِّمون الضئيل , و يكبِّرون الصغير , و يطوِّلون القصير , وهكذا , و لأن الغلو مذموم , فأذكر أنه حدَث بعض هذا الغلو مع الشيخ عمرو عبد اللطيف سلَّمه الله , و ذلك بسبب الحب له كما قد يحدث مثل هذا مع الحويني لنفس السبب المذكور, فقيل أنه _ أي المحدث عمرو عبد اللطيف _ يحفظ الكتب الستة بأسانيدها , و غير ذلك مما كذَّبه الشيخ الفاضل بنفسه.
و أنا _ و كل منصف _ أنه هناك في عصرنا من يفضُل الشيخ في هذا العلم اما مطلقا أو في بعض المباحث ..
و شيخنا نفسه يقول دائما: " لا تعتقد نفسك الطالب الأوحد فريد دهره وحيد عصره فكم في الزوايا خبايا و كم في الناس بقايا " .. و يقول أيضا: " انني أجتهد في التحضير للدرس لأنني أعلم أنه في الجلوس من هو أذكى مني و أجدر بالكلام مني " , و قد حضرت له بعض المجالس التي كرر فيها هذين القولين , فيا أيها المسترشد هذا حكم الشيخ على نفسه , فلا تعبأ بقول غيره!
و أخيرا و ليس بآخر ان شاء الله: سبحان الله , ان كثيرا مما قلت في هذه المشاركة لم أكن لأذكره و لم أذكره من قبل , و لكن هذا اعتراف مني أسطره في هذا الملتقى المبارك بفضائل شيخ كريم , هو من أنفسنا و عزيزٌ عليه ما عنتنا , و أن الله قد منَّ على الشخص الضعيف بالتوجه للعلم الشرعي على مذهب السلف بفضل هذا الشيخ الجليل , و ما تواجدتُ هنا في هذه البلاد الطيبة المباركة الا بفضل حث الشيخ على الطلب و الرحلة فيه و أثّر فىّ حرارة كلامه عن العلم و طلبه و فضله .. فأسأل الله أن يجعل أعمالنا كلها خالصة لوجهه تعالى ..
و ليُعلم أن كيسي ممتليءٌ عن آخره بقصص رائقة عن هذا الهُمام , و لكن المقام مخجل اذ أنها ليست مشاركتي و مع ذلك تجرأت و بحت بما اختلج أضلعي من كلام في هذه اللحظات , و أعتذر لصاحب هذه المشاركة عن هذا التطفل , و ظني به أن سيغفر لي هذه الذلة؟ .. و ان شاء ربي تكون هذه الكلمات القليلة السابقة نواة لترجمة مطولة عن الشيخ و حياته و قصص منها تحي قلبا ميتا أو توقظ فاضلا راقدا , و لو بعُد الزمن .. و الله المستعان و عليه التكلان .. و أقول: ربِّ يسِّر يا معين ..
و أخيرا مع كل هذا الحب للشيخ الا أننا نقول بالعمل لا باللسان وحده: كلٌ يُؤخذ من قوله و يُرد الا صاحب هذا القبر .. رحم الله مالكاً , كم كان منصفا محقا.
و الحمد لله
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[03 - 01 - 05, 12:28 ص]ـ
أخي أبا محمد الأزهري: تقول "أسامة القوصي"!!!!!! عجبا لك.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[03 - 01 - 05, 01:02 ص]ـ
ومن المشايخ الذين لهم اهتمام بهذا العلم الشريف،وله فهم دقيق فيه،شيخنا الفاضل د. إبراهيم بن عبد الله بن عبدالرحمن اللاحم،حفظه الله.
وقد تشرفت بإشرافه علي في رسالة الماجستير،وبصحبة علمية في القسم وخارج القسم منذ أكثر من عشر سنوات.
ومن جالس الشيخ،وذكراه في هذا لعلم أدرك دقة فهمه في هذا الفن .. ولعل الله تعالى أن ييسر خروج بقية مؤلفاته التي تنبئ عما قلت.
¥