إذ لا يمكن إفراد الوجه بالنظر مع مشاركة غيره له في الظهور , و لأنه يظهر
غالبا فأبيح النظر إليه كالوجه , و لأنها امرأة أبيح له النظر إليها بأمر
الشارع , فأبيح النظر منها إلى ذلك كذوات المحارم ".
ثم وقفت على كتاب " ردود على أباطيل " لفضيلة الشيخ محمد الحامد , فإذا به يقول
(ص 43):
" فالقول بجواز النظر إلى غير الوجه و الكفين من المخطوبة باطل لا يقبل ".
و هذه جرأة بالغة من مثله ما كنت أترقب صدورها منه , إذ أن المسألة خلافية كما
سبق بيانه , و لا يجوز الجزم ببطلان القول المخالف لمذهبه إلا بالإجابة عن حجته
و دليله كهذه الأحاديث , و هو لم يصنع شيئا من ذلك , بل إنه لم يشر إلى
الأحاديث أدنى إشارة , فأوهم القراء أن لا دليل لهذا القول أصلا , و الواقع
خلافه كما ترى , فإن هذه الأحاديث بإطلاقها تدل على خلاف ما قال فضيلته , كيف
لا و هو مخالف لخصوص قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث (99): " ما يدعوه
إلى نكاحها " , فإن كل ذي فقه يعلم أنه ليس المراد منه الوجه و الكفان فقط ,
و مثله في الدلالة قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث (97): " و إن كانت لا
تعلم ".
و تأيد ذلك بعمل الصحابة رضي الله عنهم , عمله مع سنته صلى الله عليه وسلم ,
و منهم محمد ابن مسلمة و جابر بن عبد الله , فإن كلا منهما تخبأ لخطيبته ليرى
منها ما يدعوه إلى نكاحها , أفيظن بهما عاقل أنهما تخبآ للنظر إلى الوجه
و الكفين فقط! و مثل عمر بن الخطاب الذي كشف عن ساقي أم كلثوم بنت علي رضي
الله عنهم. فهؤلاء ثلاثة من كبار الصحابة أحدهم الخليفة الراشد أجازوا النظر
إلى أكثر من الوجه و الكفين , و لا مخالف لهم من الصحابة فيما أعلم , فلا أدري
كيف استجاز مخالفتهم مع هذه الأحاديث الصحيحة ?! و عهدى بأمثال الشيخ أن
يقيموا القيامة على من خالف أحدا من الصحابة اتباعا للسنة الصحيحة , و لو كانت
الرواية عنه لا تثبت كما فعلوا في عدد ركعات التراويح! و من عجيب أمر الشيخ
عفا الله عنا و عنه أنه قال في آخر البحث: " قال الله تعالى: فإن تنازعتم في
شيء فردوه إلى الله و الرسول إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر ذلك خير
و أحسن تأويلا ".! فندعو أنفسنا و إياه إلى تحقيق هذه الآية و رد هذه المسألة
إلى السنة بعد ما تبينت. و الله المستعان و لا حول و لا قوة إلا بالله.
هذا و مع صحة الأحاديث في هذه المسألة , و قول جماهير العلماء بها - على خلاف
السابق - فقد أعرض كثير من المسلمين في العصور المتأخرة عن العمل بها , فإنهم
لا يسمحون للخاطب بالنظر إلى فتاتهم - و لو في حدود القول الضيق.
تورعا منهم , زعموا , و من عجائب الورع البارد أن بعضهم يأذن لابنته بالخروج
إلى الشارع سافرة بغير حجاب شرعي! ثم يأبى أن يراها الخاطب في دارها , و بين
أهلها بثياب الشارع!
و في مقابل هؤلاء بعض الآباء المستهترين الذين لا يغارون على بناتهم. تقليدا
منهم لأسيادهم الأوربيين , فيسمحون للمصور أن يصورهن و هن سافرات سفورا غير
مشروع , و المصور رجل أجنبي عنهن , و قد يكون كافرا , ثم يقدمن صورهن إلى بعض
الشبان , بزعم أنهم يريدون خطبتهن , ثم ينتهي الأمر على غير خطبة , و تظل صور
بناتهم معهم , ليتغزلوا بها , و ليطفئوا حرارة الشباب بالنظر إليها!.
ألا فتعسا للآباء الذين لا يغارون. و إنا لله و إنا إليه راجعون.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[23 - 08 - 04, 11:50 م]ـ
http://www.ibnamin.com/fiancee.htm
ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[23 - 08 - 04, 11:57 م]ـ
تنبيه: قبل أن أضع بقية كلام الشيخ الألباني عن القصة المذكورة أنبه على أنه رحمه الله تراجع عن تصحيحها ولكنني آثرت جمع ما وقفت عليه من كلامه كله حول القصة للفائدة العلمية وإليكم بقية ما يتعلق بالقصة المذكورة:
تكلم الشيخ على هذه القصة هنا أيضا:
" كل سبب و نسب منقطع يوم القيامة , إلا سببي و نسبي ".
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5/ 58:
روي من حديث # عبد الله بن عباس و عمر بن الخطاب و المسور بن مخرمة و عبد الله
ابن عمر #.
1 - أما حديث ابن عباس فيرويه موسى بن عبد العزيز العدني حدثني الحكم بن أبان
عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. أخرجه المخلص في " سبعة مجالس " (51/ 1)
¥