تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ إما أن يكون عليه السلام أباح أن يسنوا غير سننه، فهذا ما لا يقوله مسلم، ومن أجاز هذا فقد كفر وارتد وحل دمه وماله، لأن الدين كله إما واجب أو غير واجب، وإما حرام وإما حلال، لا قسم في الديانة غير هذه الأقسام أصلاً، فمن أباح أن يكون للخلفاء الراشدين سنة لم يسنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أباح أن يحرموا شيئاً كان حلالاً على عهده عليه السلام إلى أن مات، أو أن يحلوا شيئاً حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أن يوجبوا فريضة لم يوجبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أن يسقطوا فريضة فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يسقطها إلى أن مات، وكل هذه الوجوه من جوز منها شيئاً فهو كافر مشرك بإجماع الأمة كلها بلا خلاف. وبالله تعالى التوفيق. فهذا الوجه قد بطل ولله الحمد.

ـ وأما أن يكون أمر باتباعهم في اقتدائهم بسنته عليه السلام، فهكذا نقول، ليس يحتمل هذا الحديث وجهاً غير هذا أصلاً.

قال مبارك: وقد وجه إلى شيخنا الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ السؤال التالي:

هل يفيد قوله عليه السلام: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ... " حُجية أفعال الخلفاء الراشدين؟

الجواب:

لا شك في أن ما اجتمع عليه الخلفاء الراسشدون، ولم يكن هناك سنة تخالفهم ... لا شك في حجية اجتماعهم على شيء. لكن قد يظن البعض أن الحديث قد يدل على حجية قول أحد الخلفاء الراشدين.

فقوله عليه السلام: " فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين " إما أن يقدر المضاف المحذوف بلفظة أحد فيقال: " وسنة أحد الخلفاء الراشدين " وإما أن يقدر بلفظة مجموع الخلفاء الراشدين.

فالمعنى الأول يفيد أنه لو تفرد أحد الخلفاء الراشدين برأي صار حجة. أما المعنى الثاني ـ وهو الصحيح ـ فهو يعني أن اجتماع الخلفاء الراشدين على رأي يكون حجة.

وهذا التعبير النبوي كأنه مقتبس من التعبير القرآني في قوله تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نولِّه ما تولى ونُصله جهنم وساءت مصيراً).

فقوله تعالى: (ويتبع غير سبيل المؤمنين " يمكن أن يقال: ويتبع غير سبيل أحد المؤمنين، ولا شك أن هذا المعنى غير مراد في هذه الآية.

ويمكن أن يقال: ويتبع غير سبيل المؤمنين جميعاً. وهذا هو المراد.

ولهذا كان الإمام الشافعي ممن لفت النظر من السابقين أن هذه الآية حجة في إثبات حجية إجماع المسلمين.

ـ[أبو غازي]ــــــــ[25 - 08 - 04, 02:09 ص]ـ

جزاك الله خيراً أخي الكريم مبارك ...

هل من مزيد توضيح؟

ـ[مبارك]ــــــــ[25 - 08 - 04, 12:41 م]ـ

قال العلامة أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري في كتابه الماتع " تحرير بعض المسائل على مذهب الأصحاب " (26ـ 27):

" قوله صلى الله عليه وسلم: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين " صريح في أن سنة الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم حجة ولو لم يوافقهم سائر الصحابة. وسنتهم هي ما يمضونه من أحكام في خلافتهم لم يعارضها نص صحيح غاب عنهم.

فإن اختلفوا فيسعنا الاجتهاد، وإن مضت سنة أحدهم ولم ينقضها الآخر فالانقياد لهذه السنة واجب.

وأبو محمد ـ يعني ابن حزم ـ يقول: إنهم لن يسنوا خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقول قد لا تنقل إليهم سنة فيجتهدون، كالعول سنة ما ضية باجتهاد عمر رضي الله عنه، وقلت سنة ماضية لقوله صلى الله عليه وسلم: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين " فإن بان لنا نص صحيح غاب عنهم صرنا إليه.

ولست أسمي هذا إجماعاً لأنهم رضي الله عنهم ليسوا كل المؤمنين، ولكنني أسميه دليلاً، لأن طاعة سنتهم معنى قوله صلى الله عليه وسلم: عليكم بسنتي ... الحديث ".

ـ[أبو غازي]ــــــــ[25 - 08 - 04, 04:40 م]ـ

هل نفهم من هذا الكلام أنهم مشرعين؟؟

يسنون العبادات للمسلمين؟؟ (عبادات لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم)

ـ[مبارك]ــــــــ[25 - 08 - 04, 08:52 م]ـ

قال الإمام الشوكاني ـ رحمه الله تعالى ـ في رسالته النافعة " القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد " (25):

" أن ما سنه الخلفاء الراشدون من بعده فالأخذ به ليس إلا لأمره صلى الله عليه وآله وسلم بالأخذ به فالعمل بما سنوه والاقتداء بما فعلوه هو لأمره صلى الله عليه وسلم لنا بالعمل بسنة الخلفاء الراشدين ... ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير