[شرح عمدة الأحكام للشيخ بن باز من كتاب الطهارة الى باب الاستطابة]
ـ[أم المجاهد]ــــــــ[06 - 09 - 04, 06:37 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
1 - عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ((إنما الأعمال بالنيات وفي رواية بالنية وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلي دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلي ما هاجر إليه)
2 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى توضأ))
3 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص وأبي هريرة وعائشة رضي الله عنهم قالوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ويل للأعقاب من النار))
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه أما بعد ...
فهذه الأحاديث الثلاثة كلها تتعلق بالطهارة ,والطهارة هي رفع الحدث وإزالة النجس , فالوضوء من الأحداث يقال له طهارة , والغسل من الجنابة ومن الحيض يقال له طهارة , وإزالة النجاسة من البدن والثوب أو البقعة يسمى طهارة , فالطهارة في الشرع هي رفع الأحداث وإزالة الأخباث.
والطهارة طهارتان:
طهارة حسية وطهارة معنوية ,والطهارة الحسية شطر الإيمان كما في الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم "الطهور شطر الإيمان " , والطهارة المعنوية بالتوحيد والأعمال الصالحات الشطر الثاني , والله جل وعلا شرع لعباده الطهارتين , الطهارة من الأحداث والأنجاس بما شرع من الوضوء والغسل والتيمم عند العجز عن الماء أو فقده, وشرع لهم الطهارة الثانية بما أمرهم به من الطاعات وترك المعاصي وهي طهارة لقلوبهم وصلاح لهم , ففعل العبد للأوامر وتركه للنواهي طهارة لقلبه وصلاح لدينه وسبب لهدايته في الدنيا والآخرة.
والأعمال مبنية على أمرين: صلاح الباطن وصلاح الظاهر , والعمل لا يقبل إلا بأمرين:
بنية لله خالصة هذه فيما يتعلق بالباطن بالقلوب , ويتعلق بهذا حديث عمر رضي الله عنه "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمرئ " فهذا يتعلق بالقلوب , فلا يقبل العمل إلا إذا صدر عن إخلاص لله , ولابد من أمر ثاني وهو موافقة الشريعة ولهذا قال جمع من أهل العلم أن حديث عمر يعتبر شطر الدين , لأن مبنى الأعمال أمرين: الإخلاص في الباطن وموافقة الشريعة في الظاهر , فكل عمل لا يكون خالصا لله يكون باطلا وكل عمل لا يوافق الشريعة يكون باطلا.
حديث عمر فيما يتعلق بالإخلاص , الأعمال بالنيات وليس للعبد إلا ما نوى , وحديث عائشة الآتي وهو (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وفي لفظ آخر (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) يتعلق بالظاهر , فجميع الأعمال التي يتقرب بها العباد إلى الله ويتعبدون بها لا تصح إلا بإخلاص لله وموافقة لشريعته التي جاء بها نبيه علية الصلاة والسلام. وقال بعض أهل العلم أن حديث عمر ربع الدين , وانشدو في ذلك:
عمدة الدين عندنا كلمات أربع من كلام خير البرية
اتق الشبهات وازهد ودع ما ليس يعنيك واعبدن بنية
والأول أظهر فهو في الحقيقة شطر الإسلام لأنه يتعلق فيما يصلح الأعمال في الباطن وهو الإخلاص لله في جميع العبادات , ولابد مع هذا من موافقة العمل لشريعة الله كما قال عليه الصلاة والسلام " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " " ومن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " أي مردود.
وضرب مثالا لهذا فقال عليه الصلاة والسلام " فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " وهذا مثال للنية , فالأعمال في الظاهر قد تكون مستوية متشابهة لكن (((كلمه غير واضحة))) على النيات , فالمهاجر إذا أراد الله والدار الآخرة فهذا هجرته إلى الله ورسوله وعمله صالح , وإن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فليس بمهاجر شرعي , وإنما هجرته إلى ما هاجر إليه من قصد النكاح أو الدنيا.
¥