قلت (عيد): وإذا كان العدس هو أثقل الحبوب وكان وزن الصاع منه هو خمسة أرطال وثلث فما عداه من الأصناف يكون أخف منه فإذا قلنا أن زكاة الفطر خمسة أرطال وثلث من أي صنف فهي يقينا تكون أزيد من صاع. وهذا ملاحظ من الوزونات التي نقلتها عن العلماء المعاصرين، وللتسهيل فأثقل شيء ذكر هو الأرز: 2.400 جم في تقدير الشيخ أحمد حطيبة، والزبيب: 2.400 في تقدير د. عبد الحميد هندواي هذا أعلى رقم ذكر لوزن الصاع، وعليه لو قلنا: زكاة الفطر عبارة عن 2.500 جم (اثنين كيلو ونصف) من أي صنف نكون قد احتطنا غاية الاحتياط في إخراج الزكاة ونكون قد أخرجنا صاعا وأزيد يقينا. وقد سمعت شيخنا الفقيه أحمد حطيبة –حفظه الله- يذكر هذا التقدير أكثر من مرة في فتاويه وفي أثناء شرحه أعني: اثنين كيلو ونصف من أي صنف. وكذلك سمعته أكثر من مرة يقدر الحجم التقريبي للصاع بحجم صفيحة السمن المعتادة في بيوتنا ليست الصغيرة ولا الكبيرة.
قلت (عيد): وليس هذا الاحتياط ببدعة في الدين بل له أصل من كلام العلماء في مسألة زكاة الفطر لا يتسع المقام لذكره، وله أمثلة كثيرة في الشريعة منها ميقات أهل مصر في الحج أو العمرة الآن وهو من رابغ مع أن المعروف والثابت في الأحاديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقّت لأهل مصر ومن على ناحيتهم الجُحْفة ولكنها خَرِبت وضاعت معالمها فأجمع العلماء على أن الإحرام يكون من قبلها من رابغ.
وقام عندنا في المسجد بعض الإخوة الصالحين بتقدير آصع بعض الأصناف المشهورة وحساب سعرها بالجنيه المصري طبقا لأسعار أغلب المحلات المحيطة بنا لهذا العام رمضان 1424 وذلك لتسهيل عملية توكيل المسجد في إخراجها طعاما، فكانت النتيجة كالتالي:
الأرز= 2.300 جم وسعر الصاع= 4.50ج
دقيق= 2.050 جم وسعر الصاع= 4.25ج
فول= 2.000 جم وسعر الصاع= 5.00ج
فاصوليا= 2.000 جم وسعر الصاع= 7.00ج
عدس= 2.250 جم وسعر الصاع= 8.00ج
لوبيا= 2.250 جم وسعر الصاع= 8.00 ج
تمر= 1.500 جم وسعر الصاع= 5.25ج
زبيب= 1.600جم وسعر الصاع= 18.00ج
ومما قمنا به عندنا في المسجد يتبين أن قيمة زكاة الفطر بالمال تختلف حسب اختلاف نوع الصنف المخرج، وبه يتبين جهل وتخليط أغلب علماء الأزهر والأوقاف حينما يخرجون على الناس كل عام ويقولون لهم: زكاة الفطر هذا العام كذا جنيه على الفرد!!!!!! والسؤال هو: عن أي صنف قمتم بحساب هذه القيمة؟؟؟، وخاصة أن زكاة الفطر واجبة على الغني والفقير طالما كان يجد قوت ليلة ويوم العيد، فالغني مثلا يستطيع أن يدفع ثمن صاع الزبيب وأما الفقير فإنه سيخرج عن نفسه صاعا رخيصا يناسب مقدرته مثل الأرز والدقيق.
طبعا الإجابة: هي أن مثل هذا التخليط والتخبيط متوقع ممن يتتبع زلات المذاهب ويتميع في ترجيحاته الفقهية وفقا لأهواء الناس ولا يهمه الدوران مع الشرع أو الدليل حيث دار. فهل من مدكر؟!
وقلت: أغلب علماء الأزهر لا كلهم لأنه لا يزال بحمد الله يخرج من هذه الجامعة التاريخية علماء وأئمة، ولكن لا يراد لهم الظهور للناس في وسائل الإعلام، ولكن كلامهم معروف في هذه المسائل يعرفه من يطلع على كتبهم، ومنهم د. عبد الحميد هنداوي المدرس بكلية دار العلوم، والذي صنف كتيبا صغيرا سماه "إعلام الأنام بحكم إخراج زكاة الفطر من غير الطعام" والتي سأنقل عنها عما قريب إن شاء الله.
والخلاصة: أنه لتسهيل فهم المسألة على الناس نضع كلمة "اثنين كيلو ونصف" بدل كلمة "الصاع"، وذلك فقط للتسهيل، كما فعل العلماء القدامى في وزن الصاع، مع الاعتراف التام أن الصاع كيل وحجم وليس وزناً وكتلة، ومع تقرير أن الصاع هو الواجب فقط لا ما زاد عليه، فمن أراد أن يكيله بنفسه كما كان الصحابة يفعلون على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فليفعل.
¥