تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الفسيولوجية للمنعكسات التنفسية الأنفية المنشأ هي قضية تخمين". [17] أما اليوغانيون فهم منكبون على ممارسات عملية لهذه المسألة منذ ألفي عام على الأقل. فأي مانع من أن يكونوا قد اكتشفوا أموراً ما نزال نجهلها؟

الصورة 8: إن إشراك جانوشيراسانا مع أودِّيانا–باندها يسمح بإجراء تمسيد للأحشاء البطنية. وتؤدي ممارسته إلى تحسن ملحوظ في حالات السكري الخفيف.

إن تناقص الاستقلاب القاعدي لدى اليوغانيين المدفونين أحياء كان موضع بحث أنند ومعاونيه [18] على فرد قادر على المكوث مدة تتراوح بين 8 إلى 10 ساعات في صندوق زجاجي محكم الإغلاق. لقد كان استهلاك هذا "الفقير" للأكسجين في المتوسط 13 ل/سا، بينما كان الاستهلاك القاعدي المقاس قبلئذٍ مقدَّراً بـ 19,5 ل/سا. وفي نهاية التجربة كان هواء الصندوق يحوي 15 % أكسجين و 5 % بلا ماء الكربون بدون أن يحرض هذا فرط تنفس hyperpnea أو تسرعاً قلبياً tachycardia كما هي الحال عادة. هذا الانخفاض في استهلاك الأكسجين مرتبط، أغلب الظن، بنقص في القوة العضلية. ففي الحالة السوية، في وضع الراحة وحتى في أثناء النوم، لا تسترخي العضلات كل الاسترخاء؛ فهي تحتفظ بمقوِّية تستلزم إنفاقاً في الطاقة واستهلاكاً للأكسجين غير مهمل. فلعل فقير التجربة التي نحن بصددها كان قادراً على رخي عضلاته بما يتعدى الحدود التي يبلغها الإنسان السوي عادة في وضع الراحة.

استكمالاً للموضوع يجدر بنا أن نشير أخيراً إلى أن إمساك النفَس المديد الممارَس في البراناياما يمكن أن يؤثر في عمل المخ بإنقاص نسبة الأكسجين وبرفع نسبة غاز الكربون في الدم الجاري. أما تركيز الانتباه على الشجرة القصبية فيقود على المدى الطويل إلى حالات نوامية. وقد وُصِفت فنون مشابهة لفنون اليوغا بوصفها مناهج للتحريض الذاتي للنوام. [19]

الصورة 9: أردها–ماتسييندراسانا من أوضاع الفتل العديدة المستعملة في الهاتهايوغا لإكساب العمود الفقري مرونة فائقة.

التأمل والتحكُّم بالانتباه

التأمل meditation نوع من التفكُّر العميق المديد، يقوده ويشكل محوره منهاج واضح قائم على تركيز ذهني متحرِّر، قدر الإمكان، من الأفكار المسبقة والنماذج الذهنية التقليدية. وهو، من حيث المبدأ، قد يتناول بالتركيز أي موضوع كان، شريطة أن ينكب عليه الذهن بدأب وعناية. كما أنه يتطلب عند المبتدئ (أي القادر على التركيز الذهني التام) بذل طاقة نفسية كبيرة ومجهود منطقي لا يستهان به – تحليلي أولاً ثم تأليفي –؛ الأمر الذي يميِّز التأمل عن "الشرود" الذي يمثل فوضى ذهنية مطبقة من جهة، وعن التداعي الحر الذي تتوالى فيه الأفكار بدون تنظيم أو منهجية واضحين من جهة ثانية.

يدأب المتأمِّل، شيئاً فشيئاً، على تحقيق انتباه داخلي يقظ، وحضور ذهني تام في الآنة الراهنة، تكون فيه الملكة الذهنية فيه في حالة من السكون، تحجم فيها تماماً عن الانصياع لجدول التداعيات، أو لمراكمة الخواطر، وتخف فيها الحاجة إلى تشييد نماذج ذهنية معقدة عن الذات، وصولاً إلى حالة يستغرق فيها الذهن والإدراك كله في وعي جديد، علوي، [20] ويتلاشى فيه تماماً كل نموذج ذهني، كما تزول أصلاً الحاجة إلى بناء نماذج ذهنية لصوغ معرفة المتأمِّل لنفسه وللعالم. في هذا الوعي يزول كل تمييز قائم على النمذجة الذهنية بين "الأنية" و"الهوية"، بين ذات تعرِف وموضوع يُعرَف، بين الراصد والمرصود، بين العقل والطبيعة، فيعي الإنسان أنه والوجود كلَّه من ماهية واحدة.

الصورة 10: كورماسانا، أو جلسة السلحفاة. مهما بدت فنون الهاتهايوغا بهلوانية في ظاهرها فإنها تكرس وضعيات تشريحية ووظيفية يكون فيها الجسم البشري وعاءً لطاقة لطيفة تتخلله وتنقِّيه. على هذا الأساس، يتعدَّى تأثير وضعية كهذه المستوى البدني البحت إلى المستوى النفساني.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير