تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويمكن ممارسة رياضة المشي بخطوات سريعة لمدة أربعين دقيقة إلى ساعة في اليوم، فهي تعتبر من أفضل أنواع الرياضة لتحسين الصحة النفسية وكذلك الصحة الجسدية، كما يمكن اللجوء إلى ممارسة تمارين الاسترخاء خاصة تمارين التنفس التدريجي، وأما عن ممارسة اليوجا فإن الإجابة عليها من الناحية الشرعية سيجيب عنها المستشار الشرعي.

وبالله التوفيق.


انتهت إجابة المستشار النفسي د. محمد عبدالعليم، ولإتمام الفائدة واكتمال الجواب تم عرض استشارتك على المستشار الشرعي الشيخ الهنداوي، فأجاب قائلا:

فقد أحسنت بهذا السؤال الذي ذكرت فيه محاولتك لأن تتخلص من هذا القلق الذي يعتريك بالسبل الممكنة، فإن القلق حركة اضطراب في النفس توجب عدم استقرار نفسي للإنسان وربما أدت إلى بعض الشدة النفسية عليه في كثير من الأحيان، هذا إذا كان القلق قد زاد على الحد الطبيعي وإلا فإن مادة القلق نفسها في الإنسان هي مادة في الأصل طبيعية بل لها دوافع فطرية تؤدي إلى التحفز للعمل وتحصيل المصالح وكذلك دفع المخاطر على الإنسان، وبهذا ينقسم القلق إلى قسمين:
قلق فطري بالحد المعتدل، وقلق زائد عن الحد المعتدل مع تكرره، فينتج من ذلك أن يحتاج إلى علاج والتماس أسباب ذلك، وهذا أمر يحتاج إلى بسط ليس هذا محله، ولكن نجيبك على ما أشرت إليه وهو أنك تمارس أوضاع اليوجا، وإنما اخترنا لها هذا اللفظ وهو (أوضاع اليوجا) لأن كثيرًا من الناس يظنها أنها رياضة عادية للتنفيس عن القلق وكذلك لتقوية البدن فحسب، وليس هذا بصواب، بل اليوجا هي نظام لأوضاع واسعة النطاق فهي في الأصل أوضاع روحية تعبدية - وهذا هو مقصدها الأساسي - ثم يوصل إلى هذه الأوضاع عن طريق أوضاع بدنية، وهي الحركات الرياضية ونحوها من الحركات التي يقصد بها التعبد، ثم بعد ذلك أوضاع عقلية فكرية، فهي جمعت ثلاثة أمور والأمران الأخيران لتحصيل الوضع التعبدي.

وأصل ذلك أن تعلم أنها عبادة قد نشأت من بلاد الهند وأصل دين التبت كالديانة البوذية، والقصد من هذه الأوضاع هو الوصول إلى التحكم بالنفس وتخليصه من كافة الآفات التي يسمونها (المكر) ليصل إلى القدرة الكاملة للتحكم في العقل والتحكم في الشعور ليرتقي بعد ذلك إلى أن يكون قد وصل إلى طريقة إعادة التكامل البشري والارتقاء على الصفات البشرية لتصبح روحه بعد ذلك مستقرة (البراهمان) أي يكون إلهًا خفيًّا، وبعد ذلك يتحد الجزئي بالكلي والنسبي بالمطلق، أي أنه يصبح البشر إلهًا فيتحد مع الله – وهذا أصل المقصود بهذه الأوضاع في الهندوسية وكذلك في الطائفة البوذية – فهي أوضاع تعبدية في الأصل يُقصد بها أن يصل الإنسان إلى الخروج عن طاقاته النفسية وأحواله البشرية ليتحد مع خالق الكون وبذلك يخرج عن حالاته البشرية، وبعبارة أخرى: يتحد الخالق مع المخلوق، فهذا أصل المعنى الذي وضعت لأجله اليوجا، وليس هو نشاط رياضي.

ولذلك فإنه لا يمكن الفصل بين الأوضاع المرتبة فيها عن هذا المعنى، وإن كان بعض الناس يظن أنها مجرد رياضة للتخلص من القلق والتخلص من الآثار النفسية، فهذا ليس هو أصل وضعها .. نعم قد يفعلها بعض المسلمين بنية حسنة ولا يدرك مراميها ولا أبعادها فهو غير عالم بالأصل الذي وضعت له، ولكن لابد من التنبيه على هذا ومعرفة أن هذه الأوضاع مجموعة من الأوضاع الروحية والبدنية والعقلية وفي الأصل مرده إلى شيء واحد هو الارتقاء فوق صفات النفس لتتحد روح الإنسان برتبة أخرى هي رتبة (البراهمان)، وهو في مقام الكهنوت في الديانة الهندوسية ثم يتحد بعد ذلك مع الخالق كما أشرنا إليه في أول الكلام.

فهذه الأوضاع التي تمارس في اليوجا لم يحذر فقط منها أهل العلم من المسلمين وإنما حذر منها حتى النصارى حذرت طائفة منهم من القساوسة منها وأن مردها إلى هذا المعنى وهم يرونها أنها تُبطل دين النصارى من أصله، فهذا بالنسبة للنصارى الذين يقولون بالتثليث فكيف بالمسلمين الموحدين من أمثالك حفظك الله تعالى ورعاك، هذا عدا أن هناك بحوثا اختصاصية كثيرة تُبت أن الأوضاع التي تمارس بها اليوجا بغض النظر عن المقصد الذي يريده واضعوها تؤدي إلى أنواع من القلق وأنواع من الكآبة وتُوصل الإنسان إلى نوع من التركيز قد يؤدي به إلى أن يستثقل
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير