وفرض الله عليه هنالك الصلوات خمسين، ثم خففها إلى خمس رحمة منه ولطفاً بعباده. وفي هذا اعتناء بشرف الصلاة وعظمتها. ثم هبط إلى بيت المقدس، وهبط معه الأنبياء. فصلى بهم فيه لما حانت الصَّلاة، ويحتمل أنها الصبح من يومئذ. ومن الناس من يزعم أنه أمهم في السماء. والذي تظاهرت به الروايات أنه ببيت المقدس، ولكن، في بعضها أنه كان أول دخوله إليه، والظاهر أنه بعد رجوعه إليه، لأنه لما مر بهم في منازلهم جعل يسأل عنهم جبريل واحداً واحداً وهو يخبره بهم، وهذا هو اللائق. لأنه كان أولاً مطلوباً إلى الجناب العلوي ليفرض عليه وعلى أمته ما يشاء الله تعالى.
ثم لما فرغ من الذي أريد به اجتمع به هو وإخوانه من النَّبيين، ثم أظهر شرفه وفضله عليهم بتقديمه في الإمامة، وذلك عن إشارة جبريل عليه السلام في ذلك. ثم خرج من بيت المقدس فركب البراق وعاد إلى مكة بغلس. والله سبحانه وتعالى أعلم. انتهى بلفظه من تفسير الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى.
وقال القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة: ثبت الإسراء في جميع مصنفات الحديث، وروي عن الصحابة في كل أقطار الإسلام، فهو متواتر بهذا الوجه. وذكر النقاش ممن رواه: عشرين صحابياً، ثم شرع يذكر بعض طرقه في الصحيحين وغيرهما، وبسط قصة الإسراء، تركناه لشهرته عند العامة، وتواتره في الأحاديث.
وذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في آخر كلامه على هذه الآية الكريمة فائدتين، قال في أولاهما: «فائدة حسنة جليلة وروى الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في كتاب (دلائل النبوة) من طريق محمد بن عمر الواقدي: حدثني مالك بن أبي الرجال، عن عمر بن عبد الله، عن محمد بن كعب القرظي قال: «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم دحية بن خليفة إلى قيصر». فذكر وروده عليه وقدومه إليه، وفي السياق دلالة عظيمة على وفور عقل هرقل، ثم استدعى من بالشام من التجار فجيء بأبي سفيان صخر بن حرب وأصحابه.
فسألهم عن تلك المسائل المشهورة التي رواها البخاري ومسلم كما سيأتي بيانه. وجعل أبو سفيان يجتهد أن يحقِّر أمره ويصغِّره عنده، قال في السياق عن أبي سفيان: «والله ما منعني من أن أقول عليه قولاً أسقطه به من عينه إلا أنا أكره أن أكذب عنده كذبة يأخذها عليَّ ولا يصدقني في شيءٍ. قال: حتَّى ذكرت قوله ليلة أسري به، قال فقلت: أيُّها الملك، ألا أخبرك خبراً تعرف به أَنه قد كذب. قال: وما هو؟ قال: قلت إنه يزعم لنا أنه خرج من أرضنا أرض الحرم في ليلةٍ، فجاء مسجدكم هذا مسجد إيلياء، ورجع إلينا تلك الليلة قبل الصَّباح. قال: وبطريق إيلياء عند رأس قيصر، فقال بطريق إيلياء: قد علمت تلك الليلة.
قال: فنظر إليه قيصر وقال: وما علمك بهذا؟ قال: إني كنت لا أنام ليلةً حتَّى أغلق أبواب المسجد. فلما كانت تلك اللَّيلةِ أغلقت الأَبواب كلَّها غير بابٍ واحدٍ غلبني، فاستعنت عليه بعمَّالي ومن يحضرني كلهم فغلبنا، فلم نستطع أن نحركه كأنما نزاول به جبلاً، فدعوت إليه النَّجاجرة فنظروا إليه فقالوا: إنَّ هذا الباب سقط عليه النجاف والبنيان ولا نستطيع أن نحرِّكه، حتى نصبح فننظر من أين أتى قال: فرجعت وتركت البابين مفتوحين. فلمَّا أصبحت غدوت عليهما فإذا المجر الذي في زاوية المسجد مثقوب. وإذا فيه أَثر مربط الدابة. قال: فقلت لأصحابي: ما حبس هذا الباب اللَّيلة إلا على نبيٍّ وقد صلَّى الليلة في مسجدنا اه.
ثم قال في الأخرى: «فائدة قال الحافظ أبو الخطاب عمر بن دحية في كتابه (التنوير في مولد السراج المنير) وقد ذكر حديث الإسراء عن طريق أنس وتكلم عليه فأجاد وأفاد. ثم قال: وقد تواترت الروايات في حديث الإسراء عن عمر بن الخطاب، وعلي، وابن مسعودٍ، وأبي ذرٍّ، ومالك بن صعصعة، وأبي هريرة، وأبي سعيد، وابن عباس، وشداد بن أَوس، وأبي بن كعب، وعبد الرحمن بن قرط، وأبي حبة، وأبي ليلى الأنصاريين، وعبد الله بن عمرو، وجابر، وحذيفة، وبُريدة، وأبي أيوب، وأبي أُمامة، وسمرة بن جندب، وأبي الحمراء، وصهيب الرومي، وأم هانىء، وعائشة، وأسماء ابنتي أبي بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين. منهم من ساقه بطوله، ومنهم من اختصره على ما وقع في المسانيد، وإن لم تكن رواية بعضهم على شرط الصحة «فحديث الإسراء أجمع عليه المسلمون، وأعرض عنه الزنادقة والملحدون {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} اه من ابن كثير بلفظه.
ـ[الطيب ب]ــــــــ[10 - 09 - 04, 06:23 م]ـ
بارك الله فيك أخي عبد الرحمان على هذه الفقرات والنقول وجعلها في ميزان حسناتك
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[10 - 09 - 04, 06:39 م]ـ
جزاك الله خيرا وبارك فيك وحفظك ونفع بك المسلمين.
ـ[محمد أحمد الغمري]ــــــــ[20 - 09 - 10, 11:43 م]ـ
أين أجد الرواية الصحيحة لحديث الاسراء
ـ[أبو تيمور الأثري]ــــــــ[20 - 09 - 10, 11:54 م]ـ
أصحاب المنطق يقولون أنه إذا اتحدت النفس مع الروح تماما أصبح بإمكان النفس أن تنتقل إلى عالم الملكوت الذي هو أسمى من عالم النفس ويقولون أن هذا الذي حصل مع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إنما أعرج به بنفسه وروحه فقط فبماذا يرد عليهم؟